قصائدي وأشعاري

هرمنا

 هَرِمْنَـــا!

المتقارب

 .

 thumb1 - هرمنا

مقالات ذات صلة

 

 

 

.

-1-

هَرمنا كثيرًا..

وها قدْ لمسنا

بأنَّ السَّبيلَ إلى سكَّةِ المجدِ

دونَ التَّعثُّرِ في حُفرةِ القمعِ

يجترُّ أحلامَنا

وأنَّ التَّمردَ فوقَ الثَّوابتِ

فوقَ قوانينِ فوضَى القَدَرْ

وفوضى مِزاجِ البَّشرْ

وفوضى التَّخبُّطِ

يَحتاجُ إيمَانَنا

وأنَّ الحقيقةَ…

تبدو رَغيفًا

إذا مرَّ يومٌ

تناقصَ شيئًا..

فشيئًا

لنُدركَ أنَّا خُدعْنا،

وأنَّا هَرِمنا…

وشَاخَتْ طُفولتُنا

وما عادَ في العُمرِ (شيءٌ) لدينا

سوى بعضُ جوعٍ..

وبعضُ الفُتاتِ!

-2-

هَرمنا كثيرًا..

وأكبرُ أحداثِ هذا الزَّمانِ

تكَسُّرُ خوفٍ تَغَلغَلَ فينَا،

فماذا سَنخشى؟ وما عادَ في جسْمنا مَوطئٌ للخَسارةْ

وماذا سَنخسَرُ؟ لو صوَّرونا على هيئَةِ القَبضَةِ الحَائِرةْ

إذا ما اسْتَباحوا

عناقيدَ حُرِّيةٍ وأَدُوها

فَنكبُرُ طِفلًا مُعاقًا

نُسائِلُ: من أينَ أو كيفَ نبدأ

فلا أُفْقَ، لا شمسَ تُشرِقُ في غَدِنا

ففي حِلكةٍ حاصرُونا

فكيفَ نُحسُّ؟ إذا حَوَّلونَا حِجارَةْ!

وما هَمَّنا.. إنْ بَقينا بِمنفَى

نُقارِنُ كيفَ المَدى صارَ أضيقْ

وكيفَ الرُّؤى عادتِ الآنَ أعمقْ

بلا أيِّ جَدوى!

نَقيسُ مسافةَ مأساتِنا

بِمشنَقةٍ عانقتنا،

تُقَرِّبُ ما بينَ أدمُعنا والتُّرابْ

نُفتِّشُ عن عُشبِ أحلامنَا

فتهرَمُ أعينَنا

ثمَّ نبكي

ونبكي

ونبكي

ونَدخُلُ من كلِّ بابْ!

ومَا همَّنا..

لو مَكثنا طويلًا على عتْبةِ الموتِ

“نَفعلُ ما يَفعلُ الصَّاعدونَ إلى الله: نَنسى الألم”.

-3-

هَرمنا كثيرًا..

لأنَّا صَبَرنا.. على قومِ سوءٍ

زمانًا طويلْ

لأنَّا حَبسْنا.. صَهيلَ التَّمرُّدِ في رِئَتَيْنَا،

زمانًا طويلْ

لأنَّا جَبُنَّا..

فكُنَّا غُثاءً، وكُنَّا الزَّبدْ

وكُنَّا كحملٍ ثَقيلٍ على صَدرِ هذا البَلدْ

وكُنَّا إذا ما لمَحنا..

سُقوطًا

نُصَافحُ شَيطانَ فَرِّق تَسُدْ

هَرِمنا..

لأنَّا رَكعنا

لأنَّا خَشَعنا

بِمحرابِ خَوفٍ،

زَمانًا طويلْ

كأنَّا يتامى

كأنَّا عبيدٌ

نُجَرُّ كأغنامِ موسى

فلا خضرُ يَرسُمُ عُرْسَ النُّجُومِ

ليُزْهرَ غُصنُ الجَسدْ

ولا من سَيخرُجُ مِنَّا

يُرينا طَريقَ الخَلاصِ

يُذيبُ شُموعَ الخَطيئةَ عنَّا

ولا من وَلَدْ!

-4-

هَرمنا كثيرًا..

ولكنْ أتينَا

نُؤثِّثُ أعشاشَ هَذي الخِيامْ

لِنَخْلُقَ في كلِّ يومٍ شَهيدْ

نَُخلِّدُ في كُلِّ شِبرٍ

بياضَ الرُّؤى، في سوادِ الوَريدْ

نُعطِّرُ أنْفاسَنَا،

نُنَادي: سَلامٌ على كُلِّ حُرٍّ يُناشدُ حُلمًا

إذا ما تربَّى بليلِ الحِصارِ

سَلامٌ على من يُقاسِمُنا، وجهَ هذا النَّهارِ

فيا أيُّها المَاكثونَ على ظلِّ تلكَ الخيامِ، ادْخُلوا

كيْ نَشُقَّ تَوابيتَ هذا الظَّلامْ

ففي الخَلفِ أخٌّ وأختٌ وبعضُ اللذينَ يُحبُّونَنا

ويا أيُّها العَابرونَ على بَصَماتِ الحَمامِ، اخْرُجوا

فإنَّ السَّماءَ، تَحنٌّ على كُلِّ أبنَائها

سينهَمرُ المِسكُ من خَدِّ هذي السَّماءِ

على

كُلِّ

رُوحٍ

على بُعدِ فَجْرَينِ،

منْ حُلمِنا

على بُعدِ جُرحينِ،

مِمَّنْ أساءْ!

-5-

هَرمنا كثيرًا..

وها همْ يَفرُّونَ نَحو السَّفينةْ

فإنَّ شبابَ المَدينةْ، إذا ما استفاقوا

يَجيئونَ طُوفانَ مَوتٍ

ليَزْحفَ فوقَ الرُّؤوسِ

يُلوِّحُ فوقَ السُّطوحِ

رُوَيدًا

رُوَيدًا

سَنجلو زَمانًا جَديدًا

فلا منْ مُرابي، ولا منْ مُرائي

ولا منْ عصَاباتِ عَصرِ الظَّلامِ

ولا منْ قَراصنَةِ الموتِ، تُجَّارُ بيضِ السِّلاحِ

ولا منْ طَواغيتِ طينِ القَبيلةْ

ولا منْ أُناسٍ يَبيعونَ اسمَ الالهِ

فَطُوبى، لِمنْ يُطعمِ الحُلمَ أطفالهُ

وطُوبى، لِمنْ يُسكنِ الله أحدَاقَهُ

فَفوقَ بقايا المَدينةْ

إلى هُوةِ الصَّمتِ

نَرْنُو

نُعلِّمُ في كلِّ رُكنٍ،

نُدَوِّرُ

أسماءَنا.

-6-

هَرمنا كثيرًا..

ولا لنْ نعودَ إلى الخلفِ دَومًا

سَنثقبُ هذا الزَّمانِ العنيدْ

ونَخلُقُ ثغرةَ نورٍ

بهذا الصَّباحِ الوليدْ

ونَنسَلُّ شيئًا

فَشيئًا

لنُولدَ في كُلِّ عامٍ

نُرَبِّي أمَاني، ونُرسي الأمَلْ

نُحدِّقُ في قامةِ الفَجرِ

نُشعلُ لؤلؤةَ الوَقتِ

نذكرُ أنَّ الحياةَ غيومًا

تُسافرُ من لا مكانَ،

إلى

لا

مكانَ

تُسائلُ: عن سِرِّ هذا الوجودِ،

إذا ما أَفَلْ

وعمَّا قليلٍ

سنرمي بِنَردِ السُّؤالِ الكَبيرْ

نُوسْوسُ في كلِّ قلبٍ صغيرْ

ألا من أميرٍ فريدْ

يُطلُّ علينا كَشُرْفَةَ عيدٍ

لهذا

الزَّمانِ

الجَديدْ؟

-7-

هَرمنا كثيرًا..

على قَدْرِ هذا الهُراءِ

وهذا التَّخلُّفِ

هذا الفَسادِ

وهذا التَّسوُّلِ، والفَقْرِ، والجُوعِ، والجَهلِ

هذا البغاءْ

فكيفَ سَنفهمُ هذا البُكاءْ؟!

ضفافُ الغَريبِ، تُفرِّشُ عارَ الخَطيئةِ في خَيمةٍ للرَّثاءْ

مَرارةُ أبنائنا، في انكسَارِ الحنينِ على نَابِ هذا الفَناءْ

فلا وقتَ نبكي

نُنَكِّسُ أعلامَنَا في العَرَاءْ

ولا وقتَ نَشقى

كَطَاحونةٍ من هَواءْ

ولا وقتَ نَكنُسُ خيطَ الدِّماءْ

فإنَّا،

مَلَلنا طُقوسَ استدَاراتِ وجْهِ العَزَاءْ.

-8-

هَرمنا

هَرِمنا

هَرِمنا، هَرِمنا،

وما عادَ في (القَلبِ) شيءٌ

سوى،

منْ دُعاءٍ

إلى

الله

نَرجُو

إلهًا

جَديدًا!

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. هلو استاذ شلوتك اخبارك اسأل عليك هالايام مش موجود خير انشاء الله طمنه عليك يا استاذنه العزيز 🙂

  2. مَرارةُ أبنائنا، في انكسَارِ الحنينِ على نَابِ هذا الفَناءْ

    فلا وقتَ نبكي

    نُنَكِّسُ أعلامَنَا في العَرَاءْ

    ولا وقتَ نَشقى

    كَطَاحونةٍ من هَواءْ

    ولا وقتَ نَكنُسُ خيطَ الدِّماءْ

    فإنَّا،

    مَلَلنا طُقوسَ استدَاراتِ وجْهِ العَزَاءْ.

    مما راااق لي جميله تلك الكلمات ورائعه تلك المعاني التي بين السطور

  3. قد عشنا سنين القحط والعجز …. ولاصرار عمره فصير في عالم تحكمه البارود والحديد
    يصبح الاصرار كفن تعلوه زغاريد الثكالى العاجزات
    العجز … يلفنا جميعا …. مثل خيوط الحالمين
    حينما … لا نعلم ماذا نفعل بالحياة
    حتى اصبح عجزنا…
    ملح … نتذوقه فوق كل الفتات

    ايام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!