تطوير الذات والتنمية البشرية

الشخصية الحساسة Sensitive Personality

الشخصية الحساسة Sensitive Personality

الشخصية الحساسة Sensitive Personality لديها خصوصيتها نظرًا للصّعوبات الّتي تُواجهها في التّعاملِ مع الحياةِ. ربّما الأشخاص شديدو الإحساس يشعرون بالألم بسهولة ولكنّهم في الوقتِ نفسه لديهم شعورٌ عميقٌ من الفرحِ والسّرور. سأقترحُ أفكارًا لهذه الشخصية الحساسة من شأنها تسهيل التّواصل مع الآخرين، واستيعاب الجيّد والسّيء والقبيح.

تجاوز التّفاصيل

من المهم أن يعرف الشّخص شديد الإحساس أنه لن يكون دائمًا في بيته ومع أشخاصٍ يُراعونه؛ لذلك عليه أن يُطوّر قدرته على تجنب الاهتمام الزّائد بالإشاراتِ الّتي تصدرُ عن الآخرين، خاصّةً عندما تُؤثّر هذه الإشاراتُ في قدرته على التّفكير أو التّصرّف تصرّفًا جيّدًا. تجاهُل الشّخص الحساس للإشارات غير اللّفظيّة الّتي يستقبلها من الآخرين يُساعدهُ على الإنصاتِ إلى كلماتهم بوضوح.

التعامل مع النقد

بما أنّ النّقد من أكبر المشكلات الّتي يصعب على الشخصية الحساسة تقبّلها والتّعامل معها؛ يُصبح الحلّ أن يفهم معنى النّقد، وأنّهُ ليس عامًّا لشخصهِ وإنّما خاصًّا بالجزئيّةِ الّتي ورَدت الملاحظة حولها. عندما ينتقدهُ شخصٌ فهذا رأيهُ فحسب، وليس رأي جميع البشر. ذلك رأيهُ في موضوعٍ واحد، وفي ذلك الوقتِ فحسب، وليس رأيه في كلِّ أمرٍ وطوال الوقت.

عند التّفكير في النّقد بهذه الطّريقة يُصبحُ من السّهل تقبّل مُلاحظاتِ الآخرين وفهمها والاستفادة منها؛ فلا جدال في أنّ النّقد البنّاء والسّليم فرصةٌ مُهمّةُ للتّعلّم والتّطوير إذا ما أُحسن فهمه.

الرّجوع إلى الإطار العام

أمّا تضخيم المواقف، فيُفيد فيها الرّجوع إلى الإطار العام، فما دام الشّخص الآخر سواء كان زوجًا أو والدًا أو صديقًا أو ابنًا يُحبّه ويُقدّره؛ فهو –بالتّأكيد- لم يعني شيئًا من هذا التصرّف أو ذاك. التّفاصيل ليست بذلك القدر من الأهميّة عند التّعامل مع الأشخاصِ المقرّبين، فالمهم أن يعيشوا مع بعضهم حياةً سعيدةً ومتفاهمة؛ لذلك عليه ألّا يتوقف كثيرًا عند التّفصيلات الصّغيرة والأخطاء اليَسيرة ويعدّها زلّات زائلة لا قيمة لها. أمّا تكرارها داخل النّفس وتحميلها أكثر ممّا تحتمل فيُعرف: بالهذيان التحليلي.

ما الهذيان التّحليلي؟

هو أنْ يحدثَ موقفٌ في الحقيقةِ فينسجُ الشّخص داخله كثيرًا من الاعتبارات والتّحليلات والمعاني نتيجةً لذلك الموقف، فيُفسّر سلوك الآخرين ويعبر عن غضبهِ، إنّما في داخل نفسه؛ ما يزيدُ حجمَ الموقفِ اليَسير أضعافًا. تُعدّ هذه المشكلةُ الكُبرى لدى الشخصية الحساسة، فمهما كان ما يشعرُ به يُمكنهُ أن يُعبّر عنهُ، وأن يُسوّغَ تصرفاتهِ، ويتحدّث عن نفسهِ ومشاعرهِ الشّخصيةِ بدلًا من أن يُكَدِّس داخله هذه العواطفِ ويكبتها لأنّه لا يُريد جرح مشاعر الآخرين؛ في حين يُعبّر الآخرونَ عنها بسهولةٍ.

عند النّظرِ إلى النّتيجةِ فمنَ الأفضلِ للآخرينَ، ولهُ، أن يُخبرَهم فورًا عندما يُغضبونهُ بدلًا من أن يُراكمَ داخله كثيرًا من مشاعرِ الحقدِ والغضبِ تِجاههم.

الاعتراف بالمشكلة نصف الحل

إنّ الرّغبةَ الحقيقيّةَ في التخلّصِ من الإحساسِ المُفرط هي الخطوة الأولى للوصول بها إلى الحدّ المعقول، فعلى الشّخص الحسّاس ألّا يتهاون مع نفسه، ويفهم أنّ من حوله يتعبونَ كثيرًا من مُراعاتهِ وإرضائهِ، وربّما قلّلوا التّواصل معهُ إلى الحدّ الأدنى.

كخطوةٍ أُولى: يُمكن أن يتّفق الحسّاس مع أحبابهِ وأقاربهِ وأصدقائهِ وزملائهِ في العملِ أنْ يخبروه إذا شعروا بالغضبِ منهُ، فيتأكّد لديه إذا لم يخبروه بشيءٍ مُحدّدٍ أنّهم لا يشعرونَ بأيّ مشاعرَ سلبيّة؛ فيُتيح له ذلك فرصة الاسترخاء بينهم، والتصرّف بحُريّة أكبر.

رفع مستوى الثقة بالنفس

تُعدّ الشخصية الحساسة من السّماتِ الّتي تعكسُ في أحد جوانبها إحساسًا بالنّقصِ يحتاجُ إلى مُعالجته زيادة الثّقة بالنّفس؛ فزيادة الثّقة بالنّفسِ من أنجح وسائل تنمية الشخصية الحساسة وأهمّها، وتحسين التّواصل الإنساني بوجهٍ عام، وزيادة المقدرة على الإنتاج والإبداع.

الشخصية الحساسة Sensitive Personality في المُطلق ليست اضطرابًا نفسيًّا، فجميع النّاسِ –تقريبًا- شديدو الإحساس لأنّ الإحساس ينبعُ من الذّات وجميعنا نعتزّ بذواتنا؛ إنّما تختلف درجة الإحساس من شخصٍ إلى آخر. بعض الشّخصيّات الحسّاسة جميلة ومقبولة اجتماعيًّا، فهم: عقلانيّون، وواقعيّون، وموضوعيّون، ولا يُكرّرون أخطاءَهم، ويُحبّون حاضرهم والحياةَ والاستمتاع بها. أمّا بعضهم الآخر إحساسهم خطير، فهم: يُسيؤونَ الظنّ، وسريعو الغضب، ويتأثّرون أكثر من غيرهم بما حولهم من أحداث ما يجعلهم عصبيّين معظم الوقتِ، ويتأثّرون بآراء الآخرين ويهتمّون اهتمامًا بالغًا بها، وغيرها ممّا يُمكن عدّه اضطرابًا نفسيًّا لأنّ الشّخصيّة إذا وصلت إلى هذه المرحلة فهذا يعني أنّها تُؤثّر سلبًا فيهم بالانطواء والاضطرابات الجسديّة، وفيمن يُحيطُ بهم.

الآن أجب عن: إلى أيّ درجةٍ أنت شخصيّة حسّاسة؟ في ظنّك من الأكثر إحساسًا: النّساء أم الرّجال، ولماذا؟

#  الشخصية الحساسة Sensitive Personality بواسطة: محمود قحطان،

محمود قحطان

مدقق لغوي، وشاعرُ فُصحى، ومُهندسٌ مِعماريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. كلنا نمتلك الجزا الحساس فى شخصيتنا وعندما نقول كلمة تجرح شخص و يغضب منا نقول لماذا غضب ونفس الكلمة لما تقال لنا نغضب فلماذا لا نفكر فى كلامنا قبل نطقة ونقول هل انا ساتاذى من هذه الكلمة ام لا

  2. جوابا على سؤالك،
    قد أكون أنا شخصية حساسة بمقياس 7/10
    بالنسبة لسؤالك الثاني، أظن لا يمكن الجواب عنه من خلال الخيارين لأن الإحساس لا يتعلق بالجنس ذكر أو أنثى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!