أخطاء لغوية شائعة

10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول

أخطاء لغوية شائعة تعني التّغييرات الّتي تحدثُ في الكتابةِ الصّحيحة، كما هو الحال في عديدٍ من اللّغات. لقد أصبحت هذه الأخطاء اللغوية الشائعة متفشيّةً إلى حدٍّ يجعلُ الكاتب لا يستغرب وجودها، فقد أصبحت هذه الأخطاء متأصّلة في لغتهِ وثقافتهِ. بل إنّ بعض الكتّاب اعتمدوا مقولةً يرونَ أنّها مفيدةٌ للّغة؛ ولكنّها أضرّت بها؛ يُردّدون:
«خطأٌ شائع خيرٌ من صوابٍ مهجور».

تُسهمُ هذه المقولة في تدهور اللّغة العربيّة.

مرّةً وجّهتُ شخصًا استخدمَ كلمة (طُرُق)، وأخبرته أنّها جمع كلمة (طريق)؛ ولكن المعنى الّذي يقصده هو (طرائق)، فهو جمع كلمة (طريقة). لكنّه رفضَ هذا الاستخدام فورًا لأنّه غير معتادٍ عليه، وربّما سيستغربهُ القارئُ أيضًا. لم يكن واثقًا من قُدرة الكاتب على التّواصل بفعاليّةٍ معَ القارئ.

في الآتي عشرة أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا -إضافةً إلى (طرائق)- انتشرتْ انتشارًا كبيرًا بينَ الكُتَّاب:

10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول

1. اِعتبر

منَ الأخطاء اللغوية شديدة الانتشار، استخدام الفعل «اعتبر» بمعنى (عَدَّ)، فيقولون: اعتبرتُ فُلانًا صديقًا.

أو يقولون:

  • يُعتَبرُ الإعلامُ وسيلةً من وسائلِ التَّرويج.
  • يُعتَبرُ فلانٌ خبيرًا في مجاله.
  • أعتَبرُ الأمرَ مُنتهيًا.

«اعتبرَ» فِعْلٌ على وزنِ (افْتَعَلَ)، ومعناهُ: (أخذَ العبرة واتَّعظ)، ومعناه: (التَّعجُّب والتَّأمل). قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ}، أي: خُذوا العبرة واتَّعظوا؛ لذلك فإنَّ من الصَّواب أن نقول: عَدَدتُ فُلانًا صديقًا.

أو نقول:

  • يُعدُّ الإعلامُ وسيلةً من وسائلِ التَّرويج.
  • يُعدُّ فلان خبيرًا في مجالهِ.
  • أَعُدُّ الأمرَ مُنتهيًّا.

2. قام وتَمَّ

من أكثرِ الأخطاء اللغوية الشائعة الّتي يقَعُ فيها حتَّى كبار الكتَّاب هي استخدام الفعلين «قامَ» و «تمَّ» في غير موضعهما، ومن أمثلة ذلك:

  • قامَ صديقي بالتَّعليقِ عَلى كلامي.
  • تمَّ إقامة حفل للخرِّيجين.

الصَّواب أنْ نقول:

  • علَّق صديقي على كلامي.
  • أُقيم حفلٌ للخرِّيجين.

ذلكَ لأنَّ استخدام هذينِ الفعلينِ بهذه الطَّريقةِ جاء نتيجة التَّأثرِ بالتَّرجمة مِنَ اللُّغةِ الإنجليزيَّة، فالفعل «قام» يُستخدَمُ كفعلٍ مساعدٍ، والعربيَّةُ ليس فيها أفعالٌ مساعدةٌ مثل الإنجليزيَّة.

تَمَّ

أمّا الفعل «تمَّ» فهو يُستخدم عوضًا عن استخدامِ الفعل المبني للمجهولِ، والعربيَّةُ لم تعرفْ هذا التَّركيب أيضًا. إنَّما من وجهٍ آخر: تعني (تَمَّ): [كَمُل، أو اكتَمَلَ]؛ لذلك منَ الصَّوابِ القول: [تَمَّ عقدُ الاجتماعِ في تاريخ: (2020/02/20)].

حسنًا، كيف أعرفُ؟ ضع بدلًا من (تَمَّ) كلمة (كَمُل أو اكتَمَل أو يكتمل) فإذا لم يَفسدِ المعنى فاستخدامك صائب.

مثال:

[يتمُّ مُناقشة القضيَّة في المَحكمة]. ضع (يكتمل) لتُصبح: (يكتملُ مُناقشة القضيَّة في المحكمة)، نُلاحظُ فساد المَعنى، والصَّواب أن نضعَ فعلًا يُناسبُ السِّياق، مثل: (يَجري) أو (يَحدُثُ): [يجري مُناقشة القضيَّة في المحكمةِ]، أو استخدام البناء للمجهول: [تُناقَشُ القضيَّةُ في المحكمة].

3. مديرون أم مدراء؟

اللَّغةُ العربيَّةُ لا يوجد فيها وزن (فُعِيْل)، إنَّما هو منْ أوزانِ العامَّة، ومنَ الأخطاء اللغوية الشائعة قياس كلمة على وزنِ (فُعِيل) -في العاميَّة- ككلمةِ «مُدير» وكتابتها «مُدَرَاءْ» بجمعها جمع تكسير، والصَّوابُ جمعها على المُذكّر السَّالم (مُديرين، مُديرون)؛ لأنَّها على وزنِ (مُفْعِل)، وأصلهُ من الفِعْلِ (أَدَارَ) على وزنِ (أَفْعَل)، مثل: «مُدْبِر» الَّذي أصلهُ منَ الفعلِ «أَدْبَر».

أمَّا «مُدَرَاءْ» فهي على وزنِ (فُعَلاءْ) وهذا الوزن لا يأتي جمعًا (لفَعيلِ) إلَّا إذا كانَ وصفًا، والمراد بالصِّفات ما يكون لغيرهِ منَ الأسماء مثل: (ظَريف، ظُرَفاء)، (بَخيل، بُخَلاء). بَيْدَ أنَّهم لم يكسروا كلَّ الصِّفاتِ: فامتنعوا من تكسيرِ اسم الفاعلِ من فوق الثُّلاثي: نحو، مُدير (من أدارَ)، فقالوا: (مديرون)، (لا: مُدراء).

 4. الفعلُ المُتَعدِّي أكَّدَ

الأفعالُ المُتعدِّية هي الأفعالُ الَّتي تتجاوزُ الفاعل إلى مفعولٍ بهِ. أي أنَّ معناه لا يتمُّ إلَّا بذكرِ المفعولِ بهِ، والفعلُ (أَكَّدَ) من الأفعال المُتعدِّية.

من الأخطاء اللغوية الشائعة تعدية الفعل «أَكَّدَ» بحرفِ الجرِّ «عَلَى».

مثال: [أَكَّدَ على] الأمر، والصَّواب: [أَكَّدَ الأمرَ]. أي تعديتها إلى مفعولهِ مُباشرةً.

5. أجاب على أم أجاب عن؟

يستخدمُ كثيرٌ من النَّاس حرف الجر «على» بعدَ الفعلِ أجابَ ومُشتقَّاتهِ، والصَّواب تعديته بحرفِ الجرِّ «عن»، مثال:

  • أجابَ على السُّؤال. (خطأ).
  • أجابَ عن السُّؤال. (صواب).

يُمكنُ الرُّجوع إلى أيِّ قَاموسٍ من قواميسِ اللُّغةِ لإثباتِ صحَّةِ ذلك. مع التَّنويه، إلى عدمِ الالتفاتِ إلى إجازةِ مَجْمَعِ اللُّغةِ القاهريِّ لاستخدام «على) بدل «عن»؛ لأنَّ المَجْمَعَ مشهورٌ بالتَّساهلِ، وقد خالفهُ كبارُ اللُّغويّين في كثيرٍ من المسائلِ.

6. كُلَّما- كُلَّما

منَ الأخطاء اللغوية شائعة الاستخدام، تَكرار «كلّما». مثال: [كلَّما ازددتَ اجتهادًا كلَّما زادتْ فرصُ تفوُّقك].

الصَّواب: [كلَّما ازددتَ اجتهادًا زادتْ فرصُ تفوُّقك]، أي: حذْف «كلَّما» الثَّانية، وفي التَّنْزيل العزيزِ: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا}.

7. في نفس الوقت

منَ الأخطاء اللغوية الَّتي تشيعُ في الكتابةِ القول: [فعلتُ ذاتَ الشَّيء]، و[رأيتُ نفسَ المشهدِ]، و[لعبتُ في نفسِ الوقتِ]، [أرسل الطّلب على نفس الرّقْم].

الصَّواب أن نقول: [فعلتُ الشَّيء ذاته]، و[رأيتُ المشهدَ نفسَه]، و[لعبتُ في الوقتِ نفسِهِ]، و [أرسل الطّلب على الرّقْم نفسه].

لأنَّ الفعلَ والرُّؤيةَ واللَّعب وقَعُوا على الشَّيء والمشهدِ والوقتِ، وليس على الذَّاتِ والنَّفسِ.

8. بدون

من بين الأخطاء اللغوية الشائعة هو إدخال حرف «الباء» على «دون»، على سبيل المثال: [خرجتُ إلى الحربِ بدُون سلاح]، على أنّ الصّواب: [خرجتُ إلى الحربِ دُونِ سِلاح]. أي أنّهُ ينبغي استخدام كلمة «دونَ» إمّا مفردة من غيرِ حرفِ جرٍّ وإمّا يسبقها حرفُ الجرِّ «مِنْ»: [خرجتُ إلى الحربِ مِنْ دونِ سِلاح].

بدون min - 10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول
أخطاء لغوية شائعة: بدون

9. أل بعض، أل غير

مِنَ الأخطاء اللغوية استخدام كلمة «بعض» مُعرَّفة (بأل التَّعريف (البعض. مثل: [كانَ البعضُ منهمْ يتقاسَمونَ الفَريسةَ]. الصَّواب: [كانَ بعضُهم يتقاسمونَ الفَريسةَ].

فكلمة «بعض» لا تدخلها (أل التَّعريف)؛ لأنَّها في نِيَّة الإضافةِ.

الأمرُ ذاته مع كلمةِ «غير»، فلا تدخُلها (أل التّعريف). مثل: [إنَّ المصطلحاتِ الغير قانونيَّة]. والصَّواب: [إنَّ المصطلحاتِ غير القانونيَّة].

10. خصم أم حسم؟

منَ أخطاء اللغة الشائعة والمنتشرةِ استخدام كلمة «خَصْم» بمعنى: الاقتطاع منَ القيمةِ وإنقاصها، والصَّواب: استخدام كلمة «حَسْم»؛ لأنَّ الخَصْمَ منَ الخُصُومةِ والمُخاصَمة، أمَّا الحسمُ فهو: القَطْع.

كانت هذه 10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول. الأخطاء الشائعة كثيرةٌ جدًّا، وما ذُكِرَ آنفًا مُقتطفاتٌ مِنها، ويجبُ ألَّا ندَّخرَ وُسْعًا في تحسينِ لغتنا، فلغتنا السَّليمة تُوصلنا إلى المعاني السَّليمة، وتجعلنا نُعبِّرُ عن أفكارنا بوجهٍ صحيحٍ، وتجعلُ القارئ أو المُتلقِّي يتفاعلُ مع ما نكتب، ويحسُّ به.

# 10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول By محمود قحطان،

محمود قحطان

مدقق لغوي، وشاعرُ فُصحى، ومُهندسٌ مِعماريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. مساء الخير، أولا شكرا على هذا الموقع الجميل وعلى الفائدة. أريد أن استفسر عن شيء من فضلك. هل استخدام المبني للمجهول في اللغة العربية يُضعف من الأسلوب والصياغة؟

    1. مساء النّور والسّرور.
      على الرُّحبِ والسَّعة.
      المبني للمجهول لوحة تصوّر أحداث مشهدٍ غير مرئيٍّ، حدثَ، ولكن غابَت تفاصيله عن ذاكرةِ المُتلقّي أو خياله، وعادةً، في الأمر بلاغة لعدم تخصيص الفاعل، وهذا يقودنا إلى التّفكير في الأمر؛ ولكن من باب الإيجاز وعدم تشتيت القارئ خاصّةً في الكتابات أو الجُملِ الّتي لا تحتاجُ إلى تأمّلٍ وتدبّرٍ، يُفضّل الاستعانة بالمعلوم.
      في النّهايةِ، السّياقُ، وما الّذي أُريدُ إيصاله إلى المُتلّقي هو الّذي سيُحدِّد النّوع المُناسب الّذي سأستخدمهُ، هل أستخدم المبنى للمعلوم أم أُصَرّح بالفاعل وأبني الفعل للمعلوم.

      1. شكرا جزيلا لرد حضرتك. المشكلة اللي كانت بتواجهني في الترجمة إن اللغة الإنجليزية تسخدم دايما المبني للمجهول فدائما كنت أبحث عن بديل له في اللغة العربية لأن عندي فكرة إن اللغة العربية بتفضل المعلوم وإنه بيضعف الصياغة لكن بفضل شرح حضرتك فهمت سبب عدم استخدامه بكثرة في اللغة العربية. جزاك الله كل الخير وأزادك من علمه.

Average
5 Based On 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!