مقالات في العمارة والأدب والحياة

حبيبتي تفتح بستانها في طبعة ثالثة

 حبيبتي تفتح بستانها في طبعة ثالثة

في طبعة ثالثة عن سندباد للنشر بالقاهرة

صدرت الطبعة الثّالثة من ديوان حبيبتي تفتح بستانها عن مؤسسة سندباد للنَّشر والإعلام بالقاهرة، في 172 صفحة من القطع المتوسّط، وكانت الطّبعتان الأولى والثَّانية من هذا الدّيوان قد صدرتا في صنعاء/ اليمن سنة 2005 عن دار الرحاب للنَشر، فيما صدرت الطّبعة الثّانية عن دار عُبادي للدراسات والنَشر العام 2007.

ويبدأ الشاعر اليمني محمود قحطان ديوانه الشعري حبيبتي تفتح بستانها في طبعته الثالثة من غير إهداء، بمدخلٍ مُقتبس عن أحلام مستغانمي، عنونه بـ “إنَّنا نخط إهداءً للغرباء فقط.. وأمَّا الذين نُحبِّهم فمكانهم ليس في الصفحةِ البيضاء الأولى، وإنَّما في صفحاتِ الكتاب”.

وممَّا جاء في المقدمةِ التي كتبها ناشرُ الطّبعة الثالثة: “لقي هذا الديوان رواجًا كبيرًا عند صدور طبعتهِ الأولى في صنعاء/اليمن، خاصَّة بعد قرارِ المنع الذي تعرَّض لهُ هذا الديوان قبل نزولهِ الأسواق والذي دام ستة أشهر، وذلك لما يحملهُ من جُرأةٍ لفتت أنظار النقَّاد وأنظار القارئ العادي حيثُ إنّ بعضه عدّ هذا الديوان من الكُتبِ الّتي لا تتناسب مع طبيعةِ المجتمع اليمني المُغلقة وأنَّهُ مثيرٌ للحياء. هذا الديوان يطالب القرَّاء بالبحث عن فضاءاتِ روحٍ جديدةٍ كما فعل هو في لجوئه للشِّعر ليعلن عن نفسه، ومعلنًا الشِّعر فضاءً لروحه التي أرادها أن تكون مختلفة. مُمازجًا ما بين النَّثر والقصيدة الموزونة.

مقالات ذات صلة

في الطبعةِ الثَّالثة من ديوانهِ التي صدرت في نهايات عام 2009، بقي قحطان مُتمسِّكًا بتقييم أستاذه المقالح له بكونه الشَّاعر المُبدع بقصيدةِ النَّثر كما هي في القصيدةِ الموزونة. ويأتي هذا التمسُّك بقصيدة النَّثر لدى محمود لتوكيد استبشار النَّاقد والشَّاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح -مستشار رئيس الجمهوريّة اليمنيّة الثّقافي-، في محمود وقصيدته النّثرية في القراءةِ النّقديةِ الموجزة التي زيَّنت غلاف الديوان من الخلف، يُقيِّم فيها التجربة الشّعرية العربيّة وتعدُّدِ أجناسها، مُعلنًا عدم انحيازه لأيَّةِ مدرسةٍ سواء كلاسيكية أو حداثية، إنَّما انحيازه للمعنى والشَّاعرية بغضِّ النَّظر عن كون القصيدة عمودية أو نثرية أو حُرَّة، ومن ثمَّ قراءة للمجموعة الشِّعرية واستعراضها بوجهٍ موجزٍ. وممَّا جاء من قراءة الدّكتور المقالح: حين أقرأ القصيدة لا أهتمُّ بأن تكون عمودية أو على نظمِ التفعيلة أو نثرية، المهمُّ عندي أن تكون شِعرًا اقتربت من جوهرِ الشٍّعر واصطدمت بجذوةٍ من نارهِ المُتألِّقة، وفي زمن التجريب وظهور مدارس فنيَّة متنوِّعة في كتابةِ القصيدة اختار الشَّاعر محمود قحطان طريقهُ الأحدث إلى كتابةِ مُحاولاتهِ الأولى التي تُبشِّر بشاعر مستقبلي ينضّمُ إلى موكبِ شُعراء قصيدة النثر بإيقاعها الصوتي الهادئ وإيحائِها النفسي العميق، وموكب الشِّعر الموزون مرَّةً بأناقةِ الروَّاد ومرَّةً بطريقه الحداثي. ويُمكن لقارئ ديوان قحطان أن يتجوَّل في بستان حبيبتهِ التي تفتحهُ لكلِّ قارئٍ يُريد التجوَّل في عددٍ من القصائد المُميَّزة، ليجد كل صور العشَّاقِ مُعلَّقة على جدرانهِ، فقد أراد الشّاعر محمود قحطان ـ وبكلِّ وضوح ـ من قارئهِ أن يفتحَ قلبهُ وبستانه الشّعري أيضًا، أسوةً بحبيبتهِ ليضعنا وجهًا لوجهٍ مع الواقع الاجتماعي العاطفي بكلِّ تفاصيلهِ، ويعترف -صراحةً- بكلِّ ما اقترفهُ من أخطاءٍ بحقِّ الآخرين، وفي الوقتِ نفسه أن يملكَ الجرأة على أن يُعاتبَ الآخرين على ما اقترفوه من أخطاءٍ بحقِّنا.

ديوان حبيبتي تفتح بستانها مُحاولة مُكاشفة واضحة، حاول الشَّاعر فيها النُّطق بلسانِ مُعظم الحالات العاطفيّة التي يُمكن أن نمرَّ فيها ـنحنُ- وليس قحطان وحده، فلا يُمكن لهذه المجموعة الشِّعرية أن تكونَ حديثًا عن تجربةٍ شخصيةٍ لإنسان واحد، ولا يُمكن لإنسان أن يكون قد مرَّ على كلِّ هذه النِّساء في حياتنا القصيرة، فهي مُحاولةٌ منه لأن يصوِّر لنا مُعظم الحالات التي يُمكن أن يمرَّ بها كل عاشق، نجح أو فشل في حبِّهِ.

ومحمود قحطان أيضًا في ديوانهِ هذا كان تلميذًا متفوِّقًا في المدرسةِ القبَّانية، تلك المدرسة التي وضع خطوطها الأولى الشَّاعر الرَّاحل نزار قبَّاني، في تشابهِ اللغةِ والمضمون، وجُرأةِ الطرح، ممَّا يجعل منهُ شاعرًا، وناقدًا عاطفيًا، وعاشقًا بامتياز، قادرًا على جمع كل هذه التناقضاتِ بداخلهِ، ولأنَّ اللغة الشعرية تطوَّرت أكثر لدى قحطان عن سابقتها، فقد أعاد صياغة ووزن بعض القصائد التي كانت نثرية في الطبعة الأولى، في استعراضٍ شعريٍ قد يبدو لدى البعض غير مقبول، بينما يراهُ البعض الآخر استعراضًا للشَّاعر بلغتهِ الشِّعرية وقدرته على الَّلعبِ بالمفرداتِ والوزن دون أن يكون ذلك على حساب النَّص الشعري. فقد جاءت الُّلغة أكثر قوَّةً، وأعمق. كما أنَّ القصائد الجديدة بدت أكثر نُضجًا وتفوَّقًا عن سابقاتها، ممَّا يعني اعترافًا ضمنيًا لدى الشَّاعر بأنَّ الشِّعر مدرسةٌ يرتقي بها الشَّاعر من مرحلةٍ لأخرى دون أن يخجلَ من الإعتراف بذلك صراحةً أمام قُرَّائهِ ونقَّادهِ.

وجديرٌ بالذِّكر أنَّ الشَّاعر محمود قحطان الذي يعمل مهندسًا معماريًا، وعضوا بحركة شُعراء العالم، قد حاز الجائزة الأولى بمسابقة الشِّعر على مستوى جامعة صنعاء 2001، وشاركَ بالعديد من الأمسيات الشِّعرية العربية في اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتَّحدة والبحرين ومصر ولبنان وسوريا والأردن، وكانت إحداها مُشاركتهُ في الأمسيةِ الشعريةِ لليوم العالمي للشِّعر 2007 في أدبي الشرقية بمدينة الدمام، كما أنَّهُ مثَّل اليمن في مُسابقةِ أمير الشُّعراء في دورتها الأولى أبو ظبي 2007، كما نَشر ونُشرت له العديد من القصائد والمقالات والدراسات النقدية في عددٍ من الصُّحفِ العربية والدوريات والمجلَّات، وقد ترجمت بعض قصائدهِ للغةِ الإنجليزية والفرنسية.

حبيبتي تفتح بستانها في طبعة ثالثة By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. @ salam،

    كيف حكمت إبداعي في الكلمة وأنتَ لم تُعلِّق على نصٍّ شعريٍ لي؟ هي مُجاملة رقيقة، أشكركَ عليها.

    معظم أنواع الموسيقى تُعجبني. لا تهمُّني التعريفات بقدرِ الموسيقى أيًّا كان نوعها.
    لو قرأت السِّيرة الذَّاتية لعرفت أنَّني أعجب بموسيقى Enigma.

  2. ما شاء الله عليك اخي ” م.محمود ” بصراحة ابداع في الكلمة وفي الهندسة!!.
    عندي سؤال بما انك شاعر اكيد تحب الموسيقى؟؟
    فاذا كنت تحب الموسيقى فياريت تقولي اي نوع تحب؟؟
    لاني من عشاق الموسيقى من نوع new age .

    تقبل خالص تحياتي.

  3. @ khessa،

    أعتقد أنَّ لا فائدة من أن تقرأني
    فقارئٌ مثلكَ لن يرفع مسيرتي الشِّعرية أو يُقلِّلها.
    فاحتفظ بوقتكَ (الثَّمين) بعيدًا عن شعري.

    وفي النِّهاية شُكرًا لوقتكَ الَّذي بذلتهُ في التَّعليق!

  4. @ غربهـ،

    أشكركِ أختي على هذا الرَّأي..
    .
    .
    الشِّعرُ يُعاني -كما ذكرتُ في اللِّقاء-
    أعتقد أنَّ السَّبب هو دور النشر. فاهتمامهم بالرواية أكثر من الشِّعرِ، ترك أثرهُ على القارئ. فأصبحَ بشكلٍ طبيعي لا يميل إلى قراءة الشِّعر لأنَّ دور النَّشر لا تُقبل عليه.
    أنا واثقٌ أنَّهُ لو قامت دور النَّشر الكبيرة بتبنِّي مشروع شعري كبير، لاستعدنا القارئ. فالقارئ يميل إلى اتباع الاشاعات، إن قالوا له أنَّ هذا زمن الشِّعر لاهتم بالشِّعر، وإن قالوا له أنَّ هذا زمن الرواية لاتَّبع قولهم. ففي النهاية النَّاشر هو الذي يُحدِّد اتجاه السوق.

  5. @نورسين،

    وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته
    كلُّ عامٍ وأنتِ بخير،
    .
    .
    في الواقع، كلامكِ الجميل أحرجَني،
    ولا أخفيكِ سعادتي بإعجابكِ وتقديركِ.
    أتمنَّى أن أكونَ عندَ حُسنِ الظَّنِ دائمًا
    وهذا ما أسعى إليه.

  6. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كل عام وأنتم بخير
    في الواقع أنك تجعلني في انبهار دائم بكتاباتك
    ولا تسعفني الكلمات بالتعبير عما اشعر به من الانبهار بكلماتك ونسجك من الحروف كلمات لها فحوة وجمال
    نورسين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!