مقالات في العمارة والأدب والحياة

مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

Common Core State Standard

سواء أعجبك أم لا؛ فالحياةُ مليئةٌ بطرائق تقييم أداء الأشخاص ومهاراتهم في مُهمّةٍ مُعيّنة. ما مدى ذكائنا؟ ما مدى سُرعتنا؟ باختصار: ما مدى قدرتنا على المُنافسة؟ لكن حتّى الآن، كان من الصّعبِ معرفة مدى تنافسِ الأطفالِ في المدارسِ ومدى نجاحهم بعد تخرّجهم في المدرسة.

لا يتعلّمُ الطّلاب ما يكفي في المدرسةِ لاجتياز الحياةِ بعد التّخرّج. هل تحصلُ فتاة في منطقتك على مُستوى التّعليم ذاته الّذي تحصلُ عليه زميلتها في مدرسةٍ أُخرى؟ هل يحصلُ خرّيجُ جامعةٍ ما على وظيفةٍ كما يحصلُ عليها خرّيج جامعةٍ أخُرى في مكانٍ آخر؟

مقالات ذات صلة

حسنًا، لقد تبيّن أنّ الإجابةَ عن هذين السّؤالين هي: لا. لأنّهُ لسنواتٍ طويلةٍ يضعُ النّظامُ التّعليميّ معايير مُختلفة لما يجبُ أن يعرفهُ الطّلاب وأن يكونوا قادرين على تأديتهِ في كلّ مُستوى من مستوياتِ الصّفِّ الدّراسي. يجعلُ هذا من الصّعبِ معرفة ما إذا كان أطفالنا يُحقّقون أداءً جيّدًا بوجهٍ عام، وما إذا كان بإمكانهم التّنافس حقًّا للحصولِ على وظيفةٍ في يومٍ من الأيّام.

ما نحتاجُ إليه هي أهدافٌ واضحة. هذا ما تفعله المُبادرة الأمريكيّة (مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك) Common Core State Standards الّتي ترمي إلى الموائمة بين المناهج الحكوميّة المتنوّعة مع بعضها بعضًا، فهي تغييرٌ شاملٌ في مجالِ التّعليم. معايير ثابتة وقويّة وواضحة لفنون اللّغةِ الإنجليزيّة والرّياضيّات. أي أنّهُ يُخبرك ما الّذي يحتاجُ إليه الطّلاب بالضّبط. يُشبهُ الأمر ما حصل مع (الإنترنت)، فالإنترنت غيّر التّعليم تغييرًا كاملًا، تغييرًا إيجابيًّا، فقبل عشرين سنة مضت إذا أردت تعلّم اللّغة الإنجليزيّة مثلًا، كان عليك الانضمام إلى مدرسةِ لغاتٍ؛ ولكن الآن، يُمكن أن تكون في منزلك، في الطّريق السّريع، في الحافلة، في مكتبك… يُمكنك أن تكون في أيّ مكانٍ تُريدهُ إذا كان لديك إنترنت؛ ومن ثمّ يُمكنك الدّراسة.

ينقسمُ نظامُ التّعليم في أمريكا إلى: حضانة (سنة)، مدرسة ابتدائيّة (ستّ سنواتٍ)، مدرسة مُتوسّطة (ثلاث سنواتٍ)، ومدرسة ثانويّة (ثلاث سنواتٍ)، أي (13) من الدّراسة. في التّعليم الأساسي قُسّمت السّنة إلى أربعة أرباع. ما يفعلهُ Common Core هو تحديد ما يجبُ على الطّلابِ دراسته في كلّ ربع، في كلِّ مدرسةٍ، وفي كلّ ولاية، وفي كلّ مدينةٍ في أمريكا. كلّ الطّلاب عليهم دراسة الشّيء ذاته في المُستوى والزّمن نفسه.

إليك كيف يعمل هذا النّظام. يُمكنك التّفكير في الحضانةِ حتّى الصّف الثّاني عشر مثل الدّرج العِملاق. كلّ خطوةٍ هي مهارة يحتاجُ طفلك إلى أن يتعلّمها قبل التّقدّم إلى المرحلةِ التّالية. لكن في الوقتِ الحالي، كثيرًا من الأطفالِ لا يثقونَ حقًّا بمعرفةِ ناتج (اثنين زائد اثنين) مثلًا، وذلك قبل أن يضطرّوا إلى الانتقال إلى (اثنين ضرب اثنين). أي أنّ بعض الطّلاب سيعرفون الإجابة فورًا، وبعضهم الآخر سيحتاجُ إلى يومٍ أو اثنين، وبعضهم أبطأ من ذلك بكثير، ليست العقول جميعها على مستوىً واحد من الكفاءة. نحتاجُ إلى التّمهّلِ ومُساعدةِ هؤلاء الأطفال ليُمكنهم ارتقاء الدّرجِ إلى المُستوى التّالي. نحتاجُ إلى مزيدٍ من التّركيز على المهاراتِ الّتي تُساعدهم على صعودِ الدّرجِ أو… بإمكانهم ارتكاب الأخطاء والتّخلّف عن اللّحاقِ ببقيّةِ الطّلاب.

2018 11 17 10 57 30 min - مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

ثمّة مشكلةٌ أخرى، ماذا لو صُنعت سلالم الجميع من ارتفاعاتٍ مُختلفة؟ الحقيقةُ أنّها موجودة. يذهبُ الأغنياءُ إلى المدارس الجيّدة، في المناطق الجيّدة، ويتعاملون مع مُدرسّين جيّدين… سلالم هؤلاء ستكون مُرتفعة. أمّا الفقراء فيذهبونَ إلى المدارسِ المُتواضعة أو الفقيرة… و… هذا هو الواقع. لكن ثمّة شيء. ليس كلّ من يدرس في مدارس فقيرة لا ينجح في الحياة. على سبيل المثال الدكتور بين كارسون، درس في مدرسةٍ فقيرةٍ جدًّا ولكنّهُ عمل بجدٍ واجتهد في دراسته إلى أنّ أصبحَ طبيبَ أعصابٍ ومؤلّفًا وسياسيًّا أميركيًّا شهيرًا.

2 min - مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

إذًا، يُمكن لفتى حصلَ على درجةِ (A) في الأدبِ الإنجليزيّ من جامعةِ سياتل، أن يحصلَ على درَجةِ (C) على درجِ صديقهِ الّذي يدرس في جامعة شيكاغو.

3 min 1 - مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

نحنُ بحاجةٍ إلى إنشاءٍ خطواتٍ ثابتةٍ في التّعليم أيضًا؛ لذلك أوّلًا، كلّ معيارٍ يُنشئ معيار رسوٍ على الدّرج، وهو توقّفٌ على طولِ الطّريق في حين يتوجّهُ طفلك نحو التّخرّج في المدرسةِ الثّانويّة. كلّ محطّةٍ هي فرصةٌ لكلّ من الوالدين والمُعلّمِ للتّركيزِ على المهاراتِ الّتي من المُفترض أن يعرفها الطّلاب في تلك الخطوةِ بغضِّ النّظر عن أينَ يعشونَ أو اللّغة أو السّلالة.

4 min - مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك

الأهمّ من ذلك، يضمنُ كلّ معيارٍ أنّ جميع الطّلاب يتعلّمون ما يحتاجونَ إلى معرفتهِ للوصولِ إلى التّخرجِ وما بعده. تتوافق المعايير من مدرسةٍ إلى أُخرى، وتتوافق مع المعايير الدّوليّة أيضًا.

الآن نحنُ نعرف كيف نُقابل بين الطّلاب، يُمكنني المُقابلة بين ابني وابنٍ آخر من مدينةٍ أُخرى؛ مع أنّ المُجتمعاتِ المحليّةِ ستظلّ تُصمّمُ مناهجها الخاصّة. بالقواعدِ نفسها يُمكن للجميع التّنافس على نوعِ الدّرج نفسه. لكن امتلاك المعايير لا يعني شيئًا بمفرده؛ لهذا السّبب نحتاجُ إلى المُعلّمين وأولياءِ الأمورِ والطّلابِ للمُساعدة على تحقيق ذلك بوساطةِ العمل معًا لمُساعدة الأطفال على تلبيةِ هذه المعايير.

يزدادُ العالمُ تنافسًا كلّ يوم؛ ولكن الآن عندما يصلُ أطفالنا إلى قمّةِ الدّرجِ، يُمكنهم الحصولِ على خياراتٍ أكثر وتصوّرٍ لكيفيّةِ مسير حياتهم. ستكون أهدافهم واضحة، وسيكونون واثقين من أنفسهم نتيجة إعدادهم الجيّد. هذه هي معايير الدّولة الأساسيّة المُشتركة.

لكن حتّى في ظلّ النّواة المُشتركة الجديدة، حتّى إذا قالوا إنّ (2+2) = (22)، إذا كانوا قادرين على شرحِ أسبابهم وشرح كيف توصّلوا إلى إجابتهم بوساطة الكلماتِ والتّفسيراتِ الشّفهيّة وأظهروا ذلك في صورٍ بيانيّة… لكنّهم حصلوا على الرّقم النّهائي الخاطئ فحسب، فلا بأس، فالتّركيز أكثر يكون على (كيف).

هل علينا تصحيح الخطأ لأطفالنا؟ بالتّأكيد علينا ذلك. نُريدُ من أطفالنا أن يحسبوا compute بطريقةٍ صحيحة؛ ولكن التّركيز ينصبُّ حقًّا على التّفسيرِ والكيفيّة والسّبب، ويُمكن بالفعل التّحدّث عن الإجراءاتِ الّتي استُخدمت للحصول على هذه الإجابة وليس مجرّد معرفة أنّها (4)؛ ولكن لماذا (4)؟ كيف يُمكن أن أكونَ واثقًا من ذلك!

هل التعليم المنزلي مقبول في بلدك؟ هل تظنّ أنّه جيّد؟ و / أو هل تظنّ أن مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك تبدو وكأنّها شيءٌ جيّد؟

# مبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك By محمود قحطان،

محمود قحطان

مدقق لغوي، وشاعرُ فُصحى، ومُهندسٌ مِعماريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!