تطوير الذات والتنمية البشرية

الفوضى جيدة Chaos is Good

الفوضى جيدة Chaos is Good

أتعلمون ما الّذي يقتلُ النّمو المُستقبلي أو النّجاح المُرتقَب؟ أن تكونَ سعيدًا وراضيًا ومُكتَفيًا بما تملك. على سبيل المثال: تُؤدّي امتحانًا صعبًا جدًّا، فحصلت على درجةِ (B) أو حصلت على (88%) من الإجابات الصّحيحة، تنظرُ إلى النّتيجةِ وتقتنعُ بما حقّقته. بالتّأكيد هذا شيءٌ رائع؛ ولكن هل تظنُّ أنّ ذلك الطّالب سيحصلُ على (100%) في الامتحانِ المُقبل؟ أشكُّ في ذلك؛ لأنّ الطّالب سعيدًا جدًّا بحصولهِ على علامة (B). الطّالبُ -في الغالب- سيتحرّرُ من التّوتّرِ العصبيّ ويسترخي. فإذا كان محظوظًا ربّما استطاعَ الحفاظ على هذه العلامة أو أقلّ منها أو أعلى قليلًا؛ ولكنّهُ لن يحصلَ على الدّرجةِ النّهائيّة أبدًا. من جهةٍ أُخرى إذا لديك طالبٌ حصل على (A) أو درجة (91%)، هذا النّوع -في العادةِ- سيستاء ويتساءل ما الّذي حدث؟ هذا الطّالب في المرّةِ المُقبلة سيحصلُ على درجةِ (A) بل ورُبّما حقّق النّتيجة النّهائيّة؛ لأنّهُ يُمكننا أن نرى أنّهُ ليس راضٍ.

عندما يرضى المرءُ عن نفسهِ يكونُ سعيدًا وهذه السّعادةُ والرّضا عن الذّاتِ تُؤدّي إلى كسلهِ.

يعملُ النّاسُ بجهدٍ كبيرٍ للوصولِ إلى نقطةٍ مُعيّنةٍ، بأن يسعى أحدنا إلى تحقيقِ هدفٍ ما محدود كأن يسعى المُهندسُ إلى أن يكون senior engineer أو أن يبيعَ أحدهم بمبلغ (6000) آلاف دولار -وهي أهدافٌ صعبة- ثمّ عندما يصلونَ إلى الهدف ويُنجزونه؛ ولأنّه احتاجَ إلى جهدٍ كبيرٍ يُنمّونَ الرّضا عن النّفس. إنّهم سُعداءُ بما لديهم، فقد فرَغَ الخزّانُ الّذي كانَ يُحرّكهم ويحثّهم على التّقدّم، وضاعَ شغفهم واختفتِ الطّاقةُ وخمَدتِ النّارُ الّتي كانت تُحفّزهم. ليسَ لديهم ذلك الجوع أو الرّغبة في تحدّي وضعهم الرّاهن. إنّهم مُرتاحون ولا يُريدون المزيد من النّجاح. بعض الأحيان لا بأس في هذا. لديك عائلةٌ وأطفالٌ أصحّاء هذا يكفي، أنت لا تحتاجُ إلى تغيير وضعك الرّاهن؛ ولكن النّاسُ عادةً يُريدون نجاحاتٍ أكبر وأعظم؛ لأنّهُ كلّما نجحت أكثر صارَ بإمكانك صنع مَجْدِك بالحصولِ على حُبِّ النّاسِ واحترامهم، وسيُهيّئُ لك تقديم المُساعدة، والعطاء، والمُشاركة، …   وفي هذه الحالة تحتاجُ إلى تحدّي وضعك الرّاهن.

لتجاوز هذا الحَدْب أو هذه المُشكلة، يحتاجُ النّاسُ إلى أحداثٍ كبيرةٍ تجري في حياتهم: الزّواج. الطّلاق. الأطفال. المرض. الموت. الإفلاس… هذه الأحداث الّتي تكونُ فوضويّةً -غالبًا- وتُغيّر حياتك، هي أشياءُ يحتاجُ النّاسُ إليها -فعلًا- لتدفعهم إلى النّجاحِ الحقيقيّ.
إذا أردت أن تُنَمّي حياتك وتنجح  فأنت تحتاجُ إلى الفوضى تمامًا، فالفوضى ليست بالضّرورةِ شيئًا سيّئًا.

في النّهايةِ: كلّما توسّعتْ حياتك ضمنت الفَوضى!

# الفوضى جيدة By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!