مقالات في العمارة والأدب والحياة

التجربة الشعرية

اقرأ في هذا المقال
  • الموهبة الشعرية
  • ماذا عن التجربة الشعرية؟

 

 

 

مقالات ذات صلة

الموهبة الشعرية

في التجربة الشعرية كلُّ صاحبِ مَوهبةٍ شِعريَّةٍ، في بداياتهِ -حيثُ آثارِ الرَّضعةِ البِكرِ ما زالتْ تُلحِمُ نفسَها في جوفهِ- يُحاولُ أنْ يَنثُرَ الغُبارَ الأصفرَ عن عَجزهِ إزاءَ الرِّيحِ. يَمُطُّ الخُطَى ليُلغيَ الحاجزَ الفاصلَ بينَ قيَمِهِ وقناعاتِهِ، وقِيَمِ مُجتمعهِ وقناعاتِه.

يتَقلَّبُ في مواقِفهِ، ويستَعدُّ لإطلاقِ الشَّرارةِ الَّتي ستُخْصِبُ التُّربةَ المُمتدَّةَ من وراءِ وجْههِ المُفرَغ. يتطلَّعُ نحوَ وجودٍ إنسانيٍّ يحتويهِ ويُخلِّدﻩُ، مَدفوعًا بالإيمانِ، وبحقِّهِ في الحُرِّيَّةِ والحيَاةِ، حتَّى وإنِ اخْتلطَتِ الرُّؤى وتدَاخَلتْ.

مهما يَفورُ داخِلَهُ مِنَ انفعَالاتٍ، ومهما تَدَاعَتِ التَّأويلاتُ، يَظلُّ الشّاعر من أجل فِكرِ التجربة الشعرية يُحاولُ ويُجرِّبُ عَلَّهُ يقتَادُ الأغصَانَ الملآنةَ بالتَّجاعيدِ إلى فُسْحةٍ تستَقطِبُ الشَّمسَ ليوغلَ في مَجرَّتِهِ حتَّى يَصِلَ ذا يومٍ إلى ما يَرمي إليهِ ويستهدفهُ.

هيَ حالةٌ تَضرِبُ بجذورِها في صَدرهِ، تُوخِزُ النَّبضَ، وتَقذِفهُ في دائرةٍ أبديَّةٍ تُشبهُ أجواءَ الصَّمتِ.

موضوع مُميّز: هل الشعر وظيفة؟

هو مُؤمنٌ بأنَّهُ مَا منْ شيءٍ مُكتَمِل!

لذا فإنَّ فكرةَ الاختلافِ، والتَّميُّزِ، والبحثِ عَنِ المُثيرِ والجَديدِ والمُدهِشِ تَظلُّ هاجِسًا يَحفِـرُ في ذاتِ صاحبِه الحَيرَى.
ولنْ يَرى الرَّاحةَ أبدًا حتَّى يكتملَ مخاضُهُ الإبدَاعي، وحتَّى يستطيعَ أنْ يَرعى القَمَرَ في حَقلٍ مِنْ فَضَاءٍ، وأنْ يُروِّضَ كلماتِهِ بمُعجزةٍ تتأرجَحُ في جَنَّةٍ ممزوجَةٍ بغيرِ المَحدودِ. تنتابُها فتافيتُ على شَاكِلَةِ غَيثٍ علَّها تُحيي عَجينةَ الطِّينِ الَّتي تُكوِّنه!

يبقى الشَّاعرُ في التجربة الشعرية في رِحلةٍ مُستمرَّةٍ على بَلاطِ الشِّعرِ، بوَحي خُطُواتٍ تسبقهُ وخُطُواتٍ يسبِقُها قبلَ أنْ يتعثَّرَ.

يرتفعُ بعيدًا عَنْ وَاقعهِ، ويمكثُ في لُـجَّةِ الغَيمِ يَعبثُ بالذَّاكرةِ، ويُرتِّبُ النِّسيانَ. وحينَ يسقطُ تكتملُ الدَّائرَة وإنْ كانَ واقِعهُ ظِلًّا يُظلِّلُ رِحْلَـتَه في نشيدٍ طويلٍ يتراءَى لهُ ليَنْظُمَ إيقاعَه، ويكشفَ عَنْ مكنوناتِه، ويُفصِحَ عَنْ لُغَتهِ، ويتفرَّدَ بأُسلوبهِ الخاصِّ في تكوينِ رُوْحِهِ الشَّاعرةِ، وخلاياهِ الشِّعريَّةِ: الأشدَّ بِنَاءً، والأكثرَ إيجابيَّة.

ماذا عن التجربة الشعرية؟

التجربة الشعرية، هي الَّتي تُبدِعُ وَجهَ الشَّاعر الفنِّيِّ، فكلُّ قَطرةٍ تَحملُ أرواحًا عَديدةً لكائناتٍ تَنتعِلُ القِمَّةَ ولا تُدركُ النَّشوةَ إلَّا بعدَ أنْ تستثيرَ حُبيباتِ الهَواءِ مِنْ حَولها.

منْ تَراكمِ التَّجاربِ وتكدُّسِها، تَتلاشَى سذَاجتُهُ الأُولى وطيبتهُ، ليُصبحَ أكثر قدرةً على تفسيرِ الإشكاليَّاتِ العَارضَة، وذاتِه المُتَأَبِّيَةِ، وواقعهِ المُلْغِزِ.

يَزيدُ وعيُهُ كلَّما غاصَ عَميقًا في مِلحِ الحقيقةِ؛ ليزيدَ خلاصُهُ من سِجْنِ العُبوديَّةِ، ويعلوَ على تصوُّراتهِ الطُّفوليَّةِ، ويُعلنَ لحظةَ دخولهِ في مرحلةِ قَصْرَ يَفاعَةِ الشُّعراء.

#التجربة الشعرية By محمود قحطان،

محمود قحطان

مدقق لغوي، وشاعرُ فُصحى، ومُهندسٌ مِعماريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!