أخطاء لغوية شائعة

10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الثاني

تُعَدّ الأخطاء اللغوية الشائعة من الأمور الّتي قد تُؤثّر تأثيرًا كبيرًا في فَهم المتلقين للنّصوص. فالاستخدام غير الصّحيح للقواعد النّحويّة والإملائيّة وغيرهما؛ قد يُؤدّي إلى إفساد المعاني والتّعبيرات؛ ما يجعل من الضّروري توخّي الحذر والدّقّة في أثناء التّعبير الكتابي والشّفهي.

ذكرنا في موضوع سابق عشرة أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الأول، وهنا نكمل في هذا المقال الجزء الثّاني من:
10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا.

10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الثاني

11. مشاكل ومُشكلات

من الأخطاء اللُّغويَّة الشَّائعة جمع «مُشكلة» على «مشاكل»، فخطأٌ لُغويٌّ أن نقولَ: [انتهتِ المشَاكل]، والصّواب أن نقول: [انتهتِ المُشكلات]، لأنّ «مُشكلة» جمعها «مشكلات» وليس «مشاكل» الَّتي تُخالفُ القياس اللُّغوي، فالمسموعُ عنِ العربِ جمعها على «مشكلات».

12. ساهمَ وأسهم

الفعلُ «ساهم» من الأفعال الَّتي تُستخدم في غير معناها الأصلي، إذْ يشيعُ على الألسنةِ استخدامه بمعنى «شارك»، مثال:

  • ساهمَ الطُّلابُ في تنظيفِ المدرسةِ.
  • عليكَ المساهمة في فعلِ الخيرِ.

هذا خطأٌ شائعٌ لأنَّ الفعل «ساهم» معناه «اقترع» وقد قال تعالى حكاية عن نبيّه يونس {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ}؛ أي أنَّه أخرجُ سَهمَه فوقع الاختيار عليه.

والصّواب أن نقول:

  • أسهمَ الطُّلابُ في تنظيفِ المدرسةِ.
  • عليك الإسهام في فعلِ الخيرِ.

13. توفر وتوافر

منَ الأخطاءِ اللُّغويَّةِ الشَّائعةِ الَّتي اختلفَ فيها اللُّغويُّونَ حول «توفَّر» و «توَافَر»: استخدام «توافر» بمعنى «تجمَّع» بدلًا من (توفر). على سبيل المثال:

  • [توافرتِ الأسباب] أو [الأسباب المُتوافرة].
  • [توافر المال] أو (المال المُتوافر].

سبب الخطأ أنَّ «توَافَر» تعني «تكاثر»: سيكون المعنى مُناسبًا إذا قصد الكاتب -على سبيل المجاز- (كثرة) الأسباب، أو (تكاثر) المال.

أمَّا إن كان يقصد (تجمَّعت) فصيغة تفعَّل: (توفَّر) هي الأنسب في هذا المقام. كقولنا:
[توفَّرتِ الأسباب عليه]. أي تجمَّعت أو تحصَّلت أو بلغت الحدَّ المطلوب.
لذلك يُمكن القول دائمًا: [توفَّر على العلمِ الكافي]، [توفَّر فيها الجمال اللَّازم]، …

نُلاحظ أنَّنا نستخدم (على) مع (توفَّر)، ولا نستخدم (له)، فنقول: [توفَّر عليه]. ولا نقول: [توفّر له].
فحرف الجرّ (على) يُفيد أنَّ هذا الأمر مقصورٌ عليهِ وحده.

لأنَّ الشَّيء بالشَّيء يُذكر، أشيرُ إلى الاستخدامِ الخاطئِ للفعلِ «وفَّر» الَّذي تستخدمه العامَّة بمعنى: (الاقتصاد)؛ أي ضدَّ (الإسراف). على سبيل المثال:

  • توفير الوقت والمال.
  • توفير الجهد.

فالقائلُ هنا يعني الاقتصاد في الوقتِ والنَّفقةِ؛ لذلك عُدَّ هذا الاستخدام استخدامًا خاطئًا لأنَّه عكس المعنى المقصود، فمعناه هنا هو (التَّكثير).

والأفضل أنْ يُقال:

  • الاقتصاد في الوقتِ والمالِ.
  • اختصار الجهد.

14. أثَّرَ على

منَ الأخطاء اللغوية الشائعة تعدية الفعل (أثَّر) ومشتقَّاته بحرفِ الجرِّ (على)، بقولنا:
[أثَّر عليهِ] و[أثَّر على كذا]، والصَّواب تعديته بحرفِ الجرِّ (في) أو بحرفِ (الباء)، بقولنا: [أثَّر فيه أو بِهِ] و[أثَّر في كذا].

يُقالُ على الصَّواب:

  • أثَّرَت جائحة كورونا في الاقتصادِ العالميِّ.
  • لم يكُنْ لجامعةِ الدُّولِ العربيَّةِ تأثيرٌ في القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ.
  • لم تُؤثِّرْ فيَّ خيانتها.

15. اشتري أم اشترِ؟

يُخطئُ عددٌ لا بأسَ بهِ في كتابةِ جُملٍ من نوع:

  • اشتري الآن!
  • اشتري اثنين واحصل على الثَّالث مجَّانًا!

وذلك بإثبات حرف (الياء) في فعل الأمر الَّذي يُبنى على السُّكون إذا كانَ صحيح الآخر، ويُبنى على حذفِ حرفِ العِلَّة إذا كان مُعتلّ الآخرِ، وحرفُ العِلَّة هنا هو (الياء)، والصّواب كتابتها:
[اشتَرِ]، بحذف الياء والتَّعويضُ عنها بالكسرِ للمُخاطبِ المُذكَّر.

في حال مُخاطبة الأُنثى تُثبتُ الياء في فعلِ الأمر؛ لأنَّها ليست ياء العِلَّة إنَّما هي ياء المُخاطبة، وفعل الأمر إذا اتَّصلت بهِ ياءُ المُخاطبةِ يُبنى على حذفِ حرفِ النُّون.

إذًا، نقول: [اشترِ]، للمُذكَّر.
ونقول: [اشتري]، للمُؤنَّث.

16. جمع مفعول على مفاعيل

اختلفَ كثيرٌ من الباحثينَ والنَّحويِّين حول جمع مفعول على مفاعيل، مثل: (مشروع، مشاريع)، (موضوع، مواضيع)، (مكتوب، مكاتيب)، (منشور، مناشير)، والصَّواب جمعها على مفعولات، مثل:

  • مشروع- مشروعات.
  • موضوع- موضوعات.
  • مكتوب- مكتوبات.
  • منشور- منشورات.

وليس (مشاريع) و(مواضيع) و(مكاتيب) و(مناشير)… وغيرها، كما هو شائع؛ والسَّبب أنَّ جمع الصِّفاتِ على وزن (مفاعيل) هو سماعيٌّ ولا يُقاس عليهِ، وهذا من بابِ جموع التَّكسير.

17. سويًّا ومعًا

منَ الأخطاء اللغوية الشائعة الانتشار استخدام كلمة (سَويًّا) بمعنى المُصاحبة، مثل:

  • ذهبنا سويًّا.
  • سنعملُ سويًّا.

والصَّوابُ أنْ نقول:

  • ذهبنَا معًا.
  • سنعملُ معًا.

لأنَّ السَّويَّ في اللُّغةِ هو المُستقيمُ المُعتدلُ، قال تعالى: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا}؛ أي: صَحيحًا سليمًا من غيرِ عِلَّةٍ.

18. كذلك وأيضًا

من الأخطاء اللغوية الشائعة الخلطُ بين معنى (كذلك) و (أيضًا)؛ مع أنَّ الفارقَ بينهما واضحٌ ويسير.

تتكوَّنُ (كذلك) من: كاف التَّشبيه الَّتي تعني (مِثْل)، و (ذلك)، فيكون المعنى: [مثلُ ذلك].

قال تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًاۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ}؛ أي: [مثلُ ذلك تُخرَجون]. جرِّبْ أن تضعَ مكانها (أيضًا) لتَرى اختلال المَعنى.

أمَّا (أيضًا) فتعني: «تكرارًا ومُراجِعًا وزيادةً».

  • أنا لا أحبُّ البِّطيخَ فحسب، بل والجِرْجيرَ أيضًا. (زيادة، أي: زيادة على حُبِّ البِّطيخ أُحبُّ الجِرْجيرَ).
  • أنا لا أحبُّ البِّطيخَ فحسب، بل والجِرْجيرَ كذلك. (أي: مثلُ ذلك، أو شبه ذلك)، خللٌ في المَعنى لأنَّنا لا نُشَبِّهُ شيئًا بشيءٍ.

19. بسيط ويسير

من الأخطاء اللغوية الشائعة استخدام كلمة «بسيط» للدَّلالةِ على السُّهولةِ واليُسْرِ، وهذا استعمالٌ غيرُ سليمٍ للكلمةِ لأنَّه لم يردْ عنِ العَربِ الفُصَحاءِ استخدامُها على هذا الوجهِ، فقد ذُكِرت في المَعَاجِمِ القديمةِ بعدَّةِ معانٍ، مُختصرها:

البَسط والتَّبسيط معناهما التَّوسيع والنَّشر. قال تعالى: {إِنَّ رَبّك يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاءُ}؛ أي: يُوَسِّعُهُ.

لذلك قُل: [هذه المسألةُ سهلةٌ]، [وهذا الأمرُ يسيرٌ]، [وهذه القضيَّةُ هيِّنةٌ]… وغيرها من الكلماتِ الَّتي تُعبِّرُ عن هذا المعنى.

لا تقل: [هذه المسْألةُ بسيطةٌ]، و [هذا الأمرُ بسيطٌ]، و [هذه نُقطةٌ بسيطةٌ]، و [هذا الرَّجلُ يتكلَّمُ ببساطةٍ]، و [رجلٌ بسيطٌ].

20. بينما

مِنَ الأخطاء اللغوية الشائعة استخدام «بينما» في وسط الجُملة، على سبيل المثال: [كانَ محمود غاضبًا بينما كانت زوجتهُ تضحكُ]. السَّببُ: أنَّ «بينما» ظرف زمانٍ بمعنى المُفاجأةِ ويجبُ أن تكونَ لها الصَّدارةُ أي في بدايةِ الجُملةِ؛ لذلك من الفصاحةِ القول: [بينما كانَ محمود غاضبًا كانت زوجته تضحكُ]، أو: [كانَ محمود غاضبًا في حين كانت زوجتهُ تضحكُ].

مع تأكيدِ عدمِ الالتفاتِ إلى إجازةِ مَجْمَعِ اللُّغةِ المصريِّ استعمال «بينما» غير مُصَدَّرة، ومُتوسِّطة بين جملتيها؛ لأنَّ المَجْمَعَ مشهورٌ بالتَّساهلِ، وقد خالفهُ كبارُ اللُّغويِّين في كثيرٍ منَ المسائلِ كما أسلفنا.

في نهايةِ موضوع: 10 أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الثاني، نجد أنّ أهمية التوعية بالأخطاء اللغوية تتجلّى بوضوحٍ؛ إذ تُعَدُّ هذه الأخطاء اللغوية المنتشرة تحدٍّ يواجهه الكثيرون في مختلف مجالات اللّغة العربيّة.

بوساطةِ التعرّف إلى هذه الأخطاء اللغوية وفَهم أسبابها؛ يُمكننا تجنّب الوقوع في فخاخ الأخطاء اللغوية الشائعة والارتقاء بمستوى استخدامنا للغة.

الأخطاء اللغوية الشائعة لا تقلّ أهمية عن أخطاء أخرى قد تكون أكثر وضوحًا. بالعنايةِ والتّركيز، يُمكننا تحسين التّعبير وتجنّب البلبلة أو سوء الفَهم الّذي قد تُسبّبه هذه الأخطاء.

في الختام، لنكن حذرين وواعين لأهميّة تجنّب الأخطاء اللغوية الشائعة في استخدامنا للغة العربيّة. بالمُمارسةِ المستمرّةِ والتّعلّم من أخطائنا، يُمكننا تحقيق تطوّر حقيقيّ في مهاراتنا اللغوية ونقل هذا التّحسين إلى مجتمعنا.

#عشرة أخطاء لغوية شائعة في كتاباتنا- الجزء الثاني By محمود قحطان،

محمود قحطان

استشاريٌّ مِعماريٌّ باحثُ دراساتٍ عُليا في التّصميم البيئيّ وكفاءة الطّاقة في المباني. مُدقِّقٌ لُغويٌّ، وشاعرُ فُصحى. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشِرت عنه رسالة ماجستير، ونُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وتُرجِم بعضها. أصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار!

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. وجدت الموقع أثناء بحثي عن حرف الجر المناسب للفعل “يزيد” وسعدت جدا باكتشافه. جزاك الله كل الخير على كم الإفادة الموجودة في الموقع.

Average 
 5 Based On 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!