العمارة الخضراء: تحافظ على سلامة البيئة وتحد من استهلاك الطاقة
العمارة الخضراء: تحافظ على سلامة البيئة وتحد من استهلاك الطاقة
ثُقبُ الأوزون، تآكلُ الشّواطئ، ارتفاعُ درجاتِ الحرارةِ عالميًّا، كلّها مُشكلاتٍ يُعانيها العالم نتيجة تلوّث البيئَة؛ وهو مَا دعَا الجميع -كلّ في مجاله- للبحثِ عن طريقةِ للحفاظِ عليها. من أوّل التّخصّصات الّتي بدأتْ في تنفيذِ مُخّططِ الحفاظ على البيئةِ هو الإنشاءات؛ لأنّ الإنسانَ في داخل مسكنه يستهلكُ قرابة (50%) من الطّاقة، وتوفيرُ تلك الطّاقة والبحثُ عن مصادرَ نظيفةٍ لها صارَ تحدّيًا صعبًا يواجههُ مُصمّمو العِمارةَ الحديثةَ الّتي أُطلقَ عليها العمارة الخضراء Green Architecture، والعِمارةُ المُستدَامَة Sustainability.
سأرصدُ في هذا المقال أهمّ ما يُمّيز هذه العمَارة الحديثة عن التّقليديّة، ومَاذا سيجني العالمُ لوْ تحوّلت مسَاكننا جميعًا إلى مساكنَ خضراءَ ومُستدَامة.
الاستدامةُ Sustainability -باختصارٍ غير مخل- هي الاستهلاكُ مع مراعاةِ حقوقِ الأجيالِ القادمَة، وعندما نتحدّث عن الاستدامةِ في البناءِ يجبُ أنْ ندركَ مدَى تأثيرُ أفعالنا في البيئةِ من أجلِ الحفاظِ عليها للأجيالِ القادمَة.
العمارة المستدامة
لتحقيقِ أقلّ قدرٍ من تلويثِ البيئَةِ عندَ البنَاء، يجبُ أنْ نضعَ نُصبَ أعينِنا عددًا من المعايير منها:
- مدى استهلاك الإنشاءات للطّاقةِ، مع مُلاحظة أنّهُ ينبغي لنا اللّجوء إلى الطّاقةِ النّظيفةِ قدرَ المُستطَاع، كالشّمس والرّياح والمدّ والجزر والغاز وغيرها.
- تخفيضُ استهلاكِ المنزلِ للطّاقة بعدَ تنفيذهِ. فنجدُ –مثلًا- أنّ التّصاميمّ الّتي تعتمدُ على الواجهاتِ الزّجاجيّةِ تحتاجُ إلى طاقةٍ هائلةٍ لتبريدِها صيفًا؛ وذلك لاحتفاظِ الزّجاجِ بالحرارةِ وحبسهِ لها؛ ما يدفعُ لاستخدام المكيّفاتِ لأوقاتٍ طويلةٍ وهذا لا تفضّله العمارة الخضراء.
- يجبُ وضع آليّةٍ للاستفادةِ من ضوء الشّمسِ في الإنَارة لأطول وقتٍ مُمكن.
تُحقّقُ العمارة الخضراء عددًا من الفوائدِ لصاحبِها، ففي الجانبِ الاقتصادي يُمكن لصاحِبِ المنزلِ الأخضرِ أنْ يعتمدَ على الإضاءةِ والتّهوية الّتي يُتيحها المبنى الأخضر؛ ما سوف يؤدّي إلى اختصار فواتيرِ الكهرباءِ بوجهٍ واضح، وعلى الجانبِ الصّحي أثبتت الدّراساتُ أنّ الإنسانَ إذا عُرّضَ إلى الضّوءِ الاصطناعي لمُدَّةٍ طويلةٍ فإنّ ذلك يُصيبه بعددٍ من الأمراض.
للعمارة الخضراء آثارٌ واضحةٌ على صحّةِ السّكّان النّفسيّة؛ فالضّوء الطّبيعي يُحسّنُ من نفسيتِهم. إضافةً إلى أنّ ضوء الشّمس يزيدُ من إنتاجيّة الموظّفين الّذين يعملونَ في مبانٍ خضراء، وأثبتتْ دراسةٌ لمركٍز فضائي في الولاياتِ المتّحدة الأمريكيّة أنّ نقلَ العمّالِ إلى مكانٍ يتمتّعُ بالاستدامةِ أدّى بوجهٍ واضحٍ إلى تقليلِ نسبةِ الغيابِ زُهَاء (% 15)، والأمرُ نفسه لدى المَحَالّ التّجاريّة الّتي تقعُ في مبانٍ خضراءَ؛ فإنّ نسبة مبيعاتها تزيد عن مثيلاتها نحو (% 40).
أدركتِ الدّولُ الأوروبيّةُ أهمّية العمارة الخضراء، واستطاعتْ تنفيذَ مشروعاتٍ سكنيّةً تعتمدُ على ضوءِ الشّمس في مُعظم أيّام السّنة؛ مع أنّ الشّمسَ تغيبُ عن تلك الدّول أيامًا كثيرة! على حين هنا، في الدّولِ العربيّةِ حبانا الله بميزة الشّمس السّاطعة طَوال العام، وهو ما يعني أنّ التوسّعَ في استخدامِ العمارة الخضراء في دولنا العربيّة سيكون فعّالًا، ويُحقّقُ وفوراتٍ اقتصاديّةٍ كبيرة.
تطبيقُ مفهومِ العمارة الخضراءِ لا يقتصرُ على توفيرِها للطّاقة فحسب، بل ينبغي له أن يمتدّ ليشملَ مواد البناءِ المُستخدمةِ في التّشييد، وأن يتضمّن استخدام موادٍ مُتجدّدة لا تُلوّث البيئةَ في أثناء تصنيعِها أو في أثناءِ استخراجِها أو حتّى إعادة تدوريها بعدَ انتهاءِ عمرِ المبنى وهدمِه.
أنا أشعرُ بالفضولِ لمعرفةِ أفكارك حول هذه القضيّة! إذا كنت ترغبُ في البقاء على اطّلاعٍ على موضوعاتٍ مماثلةٍ، فلا تتردّد في متابعةِ مقالاتي والاشتراكِ في القائمةِ البريديّة. في هذه الأثناء، شارك الموضوع، أو اترك أسئلتك أو أفكارك الإبداعيّة في التّعليقات وسأسعَدُ بمناقشتها معك!
# العمارة الخضراء: تحافظ على سلامة البيئة وتحد من استهلاك الطاقة By محمود قحطان،
لقد افادتنى كثيرا ورايت معلومات فى موقعك لم يكن لى علم بها شكرا لك
شكرتُ لكِ إعجابك.