بسيط ويسير
بسيط ويسير
من الأخطاءِ اللُّغويَّةِ الذَّائعةِ المُنتشرةِ استخدام كلمة «بسيط» للدّلالةِ على السُّهولةِ واليُسْرِ، وهذا استعمالٌ غيرُ سليمٍ للكلمةِ لأنّه لم يردْ عنِ العَربِ الفُصَحاءِ استخدامُها على هذا الوجهِ، فقد ذُكِرت في المَعَاجِمِ القديمةِ بعدَّةِ معانٍ، ومنها:
- جِنْسٌ من العَرُوضِ سمي به لانْبِساطِ أَسبابهِ. (يعني: أحدَ بحورِ الشِّعْرِ). [لسان العرب].
- البَسْطة في كلِّ شيءٍ السَّعَةُ، وهو بسيطُ الجسْمِ والبَاعِ والعِلْمِ. قال الله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}. [مقاييس اللغة].
- البِساطُ، بالفتح: الأرضُ الواسعةُ. يقال: مكانٌ بسيطٌ وبَساطٌ. [الصِّحاح في اللُّغةِ].
- بَسَطَه: نَشَرَه، كبَسَّطَه فانْبَسَطَ وتَبَسَّطَ. [القاموس المحيط].
إذن البَسط والتَّبسيط معناهما التَّوسيع والنَّشر. قال تعالى: {إِنَّ رَبّك يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاءُ}؛ أي: يُوَسِّعُهُ.
لذلك قُل: هذه المسألةُ سهلةٌ، وهذا الأمرُ يسيرٌ، وهذه القضيَّةُ هيِّنةٌ… وغيرها من الكلماتِ الَّتي تُعبِّرُ عن هذا المعنى.
لا تقل: هذه المسْألةُ بسيطةٌ، وهذا الأمرُ بسيطٌ، وهذه نُقطةٌ بسيطةٌ، وهذا الرَّجلُ يتكلَّمُ ببساطةٍ، ورجلٌ بسيطٌ.
من الاستعمالاتِ الخاطئةِ أيضًا توظيفُ الكلمةِ في عناوينِ الكُتبِ يُريدُ التَّسهيلَ فيأتي بالضِّدِّ، مثلُ: البسيطِ في علمِ التَّجويد، والبسيطِ في النَّحو، والبسيطِ في علمِ القانون… وما شابهها، أو أن تقول: نحتاجُ إلى تبسيطِ عِلمِ العَروضِ، فيكونُ المَعنى أنَّك تُريدُ التَّوسَّعَ فيه!
فائدةٌ:
البسيطُ بهذا المعنى من المعَاني الدَّخيلةِ على لُغتنا العربيَّةِ الفصيحةِ، هي ترجمةٌ للكلمةِ الإنجليزيَّةِ Simple، وفي اللُّغةِ الإنجليزيَّةِ أرادوا وصفَ الشَّيءِ بعدمِ التَّعقيد أو المركَّب أي عكس كلمة complicated؛ لذلك يُمكننا استخدامها في علمِ الدَّواءِ مثلًا، بأن نقول: هذهِ مادَّةٌ مُركَّبةٌ، أو: هذه مادَّةٌ بسيطة، والله أعلم.
ملحوظةٌ:
استعمالُ «بسيط» بمعنَى: السَّهلِ اليَسيرِ، هو استخدامٌ مُعاصرٌ أجازَهُ مجمْعُ اللُّغةِ العربيَّةِ في القاهرةِ المشهور بالتَّساهلِ وتتبُّع القواعدِ الشَّاذَّةِ في مُعجَمِهِ «المُعْجَمِ الوسيطِ»: «البسيطُ: المُنْبَسِطُ، وَالبَسيطُ: ضِدُّ المُرَكَّبِ، والبَسيطُ: ما لا تعقيدَ فيه (السَّهلُ المُيسَّرُ)».
لذلك يرى بعضُهم أنَّ استخدامَ كلمة «بسيط» بمعنى: السَّهلِ اليَسيرِ، هو استخدامٌ جائزٌ وصحيحٌ. لكنَّنا نسمو بأنفُسِنا حين نستخدمُ الفَصيحَ الّذي سُمِعَ من العَرَبِ وليس ما شاعَ استخدامهُ على ألسنةِ النَّاسِ ما اضطرَّ المجمْعَ القاهريَّ إلى قَبولهِ، أليس كذلك؟
# بسيط ويسير By محمود قحطان،