منطقُ الحبُّ
عندَما أحببنا بعضنا..
كانَ منطقُ الحبِّ غريبًا بينَنا
كانَ الحبُّ يَمشي إلى جوارِنا.. ينامُ ويأكلُ معنَا
كانَ الحبُّ يقاسمُنا سعادتَنَا،
تعاسَتَـنا، شقَاءَنا
كانَ الحبُّ يبدو رُغمَ صعوبتهِ صديقًا لنا
لكنَّه ما يلبثُ أنْ يعودَ بقسوتِهِ
ليطوِّقَنا.. إلى حدِّ الفجيعةْ!
* * *
عندَّما كانَ الحبُّ يهجمُ، كنَّا لا نعرفُ السَّببَ
فكنَّا نسهرُ تحتهُ.. ندرسُ تفاصيلهُ..
نخمِّن هجومهُ المباغتْ.. فنفقـدُ كلَّ أسلحتَنَا
كانَ الحبُّ ينمو فينا.. ينخرُ ما بداخِلنا
أكانَ التحاقنا بغزوتهِ..
محاولةً للبحثِ عنْ أجملِ مشاعِرِنا
التي فاضتْ بها آبارُنا؟!
* * *
عندَّما حاصرَنا الحبُّ مُشهرًا سيفَ الدَّهشةِ
ليؤسِّسَ فينا أكبرَ مجازرهِ
لمْ نستطعْ أنْ نحسمَ القضية َبيدينَا
وعندَّما انتقل إلى دهاليزِ حواسِنا السرِّيةِ
واجهناهُ بكلِّ ما يلزمْ
فلمْ ينفعْ معهُ الكفاحَ المسلَّحْ
ولا الخططَ العسكريةَ..
ولمْ تفدْنا ثورتُنا!
* * *
يمتدُّ الحبُّ أمامَنا كغَابةٍ
ويزحَفُ نحونا
ملتحفًا عباءةً قديمةً
يُدخلُنا إلى كلِّ تلكَ الأدغالِ
والجروفِ، والممرَّاتِ السريةِ
يوصلُنا إلى مسالكهِ الشائكةِ المُتَشعِّبَةِ
ويشرحُ لنَا، لِمَ يبقى..
في مدينتنا مُتطرفًا؟
لِمَ الحبُّ..
يوجعُ حينَ يأتي كالصُّدفَةِ..
كالنَّغمةِ أحيانًا؟
ما معنى، أنْ يأتي كبقعةَ ضوءٍ
ما تلبثَ أنْ تنصَهرْ؟
ما معنى، أنْ يكونَ كقطرةِ النَّدى
ما تلبثَ أن تتبخَّرْ؟
* * *
متى يأتينا الحبُّ…؟
أفي ظُلمةِ الحواس ِيأتي
كيفَ يُكهربُنا،
ويصعقُـنا،
لحظةَ دخولهِ تجاويفَنَا
كيفَ يوقظُ فينا رغباتِنا المستترةْ
كيفَ يُبعثرُنا، يدوِّخُنا،
ويعمينَا؟!
* * *
لِمَ الحبُّ أحيانًا كالبحرِ
دائمًا.. في حالةِ اندفاعٍ مستمرْ
دائمًا يهوى السفرْ
لِمَ الحبُّ يُبهرنا في الَّلحظةِ الأولى
وفي الَّلحظةِ التاليةِ يَسرِقُنا مِنَّا..؟!
* * *
يخرجُ الحبُّ في مُنتصفِ الليلِ
دائمًا.. هو على موعدٍ مع القَمرْ
يسكنهُ الصَّمتُ الموغلُ في الحَذَرْ
يخاطبُ النجومَ وتكسوهُ السُّحبُ
وعندَ الفجر ِيتساقط ُكحباتِ لؤلؤٍ مُدوَّرْ
أو يتحولُ إلى ضبابٍ كثيفٍ
فلا نعودُ نبصرُ بعدَها غيرُ أشباحِنا!
* * *
لِمَ الحبُّ يبقى مُحاصرًا رغمَ قوتهِ؟
ضعيفًا رُغمَ سطوَتهِ؟
ذليلاً رُغمَ كبريائهِ؟
لِمَ يبقى معلَّقًا.. دائخًا
تعتريهِ ألفُ سَكرةٍ
وألفُ صحوةْ؟!
* * *
متى ينتهي الحبُّ.؟!…
أعندَّما “نبدأ بالضَّحكِ من الأشياءِ
التي أبكتنا يومًا ما”..؟!
أعندَ انشطارِ النَّفسِ وتوقُفِنا في محطةٍ جديدةٍ؟!
أينتهي إذا قرَّرنا في أنفسِنا، فجأةً.. أنْ ينتهي؟!!
* * *
لكننا ما نَلبثُ أنْ ننتظرَهُ
دائمًا.. هو يتأخرُ
لا يحترمُ مواعيدَهُ!
وفي ساعةٍ متأخِّرةٍ من اللهفةِ يدهسُنا الحبُّ.!.
يتربعُ داخلنا، واضعًا قدمًا على قدمٍ
فتشهقُ كُلُّ مساماتِنا
وكلُّ الرَّغبةِ والشَّهوةِ داخلِنا.. تأخذُنا إليهِ
فنرضخُ لهْ!
* * *
كانَ هذا مَنطقُ الحبِّ
فما أغربهُ منْ مَنطقْ
وما أصعبهُ منْ منطق
إن كان للحُبِّ منطق!
