وطن من نطفة-محمود قحطان
وطن من نطفة-محمود قحطان
شهَقتُ، فانقبضَ رِحِمُ (تابوتي) وخرَجتُ عَاريًا.. وسقَطتُ منْ جُرحٍ في دَوْزَنَةٍ مِنْ بُكاء، وعندَ صِوَانِ أُذنيَّ تزاحمتْ أصواتُ البَنادقِ، وعُواءُ البشرِ المُتردِّدِ في ساحَاتِ الدِّماء.
عجبتُ لمَ كلُّ شيءٍ يبدو مُتخاذِلًا؟! قلتُ: لعلَّ الأرضَ أنجَبتني لتُريني كيفَ أنَّ الجنَّةَ البيضَاءَ يُمزِّقُ أبناؤُها جلدَها، وأنَّها لم تكُنْ على مَقاسِ أرواحِهم قطُّ!
تَحسَّستُ رأسي فبدَا كمَادَّةٍ مطَّاطِيَّةٍ لَزِجَةٍ، فصَرختُ وهرولتُ بعيدًا للبحثِ عنْ أقربِ غُرفةٍ مُحصَّنةٍ تحتَ الأرضِ؛ ولكنَّ أصواتَ الفَزعِ حوَّلتني إلى خشبَة!
تشبّثتْ عيناي بالدُّخانِ وشرارةِ الهَاويةِ، وحَاصَرني الجنُّ والنَّارُ والسَّواد.
قرَّرتُ أنْ أبكيَ للمرَّةِ الأخيرةِ وأنا أُشاهدُ كلَّ شيءٍ يذوي..
عقيقَ الأيَّامِ،
والدُّروبَ،
والأضواءَ،
وتخومَ الفَجرِ،
والسَّنابلَ العنيدةَ،
واليَنابيعَ البعيدةَ،
والشَّمسَ،
والذِّكرياتِ
… و
وقبلَ أنْ تنغلقَ رئتاي عَنِ الهَواءِ..
سألتُ نفسي:
أيُمكِنُ أنْ يُولدَ وَطَنٌ من نُطفَةٍ؟!
# وطن من نطفة-محمود قحطان By محمود قحطان،
رائع جدا مع اجواء وطنيه حاضره صاخبه بالألم
شكرتُ لكِ كلماتك الجميلة! سُررت بأنّ القصيدة استطاعت أن تنقلَ مشاعر الوطن والألم. أرجو أن تظلّ دائمًا مصدر إلهام لنا جميعًا.