قصائدي وأشعاري

وطن من نطفة

وطن من نطفة

شهَقتُ، فانقبضَ رحمُ (تابوتي) وخرَجتُ عاريًا.. وسقَطتُ من جُرحٍ في دَوْزَنَةٍ منْ بُكاء، وعندَ صِوَانِ أُذنيّ تزاحمتْ أصواتُ البنادقِ، وعواءُ البشرِ المُتردّدِ في ساحَاتِ الدّماء.
عجبتُ لمَ كلُّ شيءٍ يبدو مُتخاذِلًا؟! قلتُ: لعلّ الأرضَ أنجَبتني لتُريني كيفَ أنّ الجنّةَ البيضَاءَ يُمزّقُ أبناؤُها جلدَها، وأنّها لم تكُن على مَقاسِ أرواحِهم قطْ!
تحسّستُ رأسي فبدَا كمَادةٍ مطّاطيّةٍ لزجَةٍ، فصَرختُ وهرولتُ بعيدًا للبحثِ عن أقربِ غُرفةٍ مُحصّنةٍ تحتَ الأرضِ؛ ولكنّ أصواتَ الفَزعِ حوّلتني إلى خشبَة!
تشبّثتْ عيناي بالدّخانِ وشرارةِ الهَاويةِ، وحاصَرني الجنُّ والنّارُ والسّواد.
قرّرتُ أنْ أبكي للمرّةِ الأخيرةِ وأنا أُشاهدُ كلّ شيءٍ يذوي..
عقيقَ الأيّامِ،
والدّروبَ،
والأضواءَ،
وتخومَ الفجرِ،
والسّنابلَ العنيدةَ،
والينابيعَ البعيدةَ،
والشّمسَ،
والذّكرياتِ
… و…
وقبلَ أنْ تنغلقَ رئتاي عنِ الهَواءِ..
سألتُ نفسي:
أيُمكنُ أنْ يُولدَ وطنٌ من نُطفَةٍ؟!

# وطن من نطفة By محمود قحطان،

مقالات ذات صلة

محمود قحطان

استشاريٌّ مِعماريٌّ باحثُ دراساتٍ عُليا في التّصميم البيئيّ وكفاءة الطّاقة في المباني. مُدقِّقٌ لُغويٌّ، وشاعرُ فُصحى. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشِرت عنه رسالة ماجستير، ونُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وتُرجِم بعضها. أصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!