مقالات في العمارة والأدب والحياة

الإلهاء الرقمي

الإلهاء الرقمي

وقتك واهتماماتك لم يعُد لها قيمة. في الإلهاء الرقمي تتنافسُ وسائلُ الحياةِ العصريّةِ الحديثةِ، وعلومُ الصّناعةِ والفنونِ، والشّركاتُ الفنيّةُ على اهتمامك وتتداولها كسلعةٍ أساسيّةٍ.
يجذبونك ويغرونك ويخدعونك بزيادةِ وقتك ولكن على مِنصّاتهم، ويستغلّونَ اكتشافاتِ علم الأعصاب لمُعالجة سلوكك في الإنترنت والتّلاعب بهِ.

أنت تُذعِنُ إلى وابلٍ من الإلهاءِ، وفُقدانِ التّركيزِ، والإبداعِ؛ فالانحرافاتُ الرّقميّةُ تلتهمُ تركيزك واهتمامك، والأشخاصُ الّذينَ يُعانونَ من إدمانِ الأجهزةِ الرّقميّةِ -غالبًا- ما ينسحبونَ مِنَ الحياةِ الواقعيّةِ إلى المَشي في أثناءِ النّومِ، مثل الزّومبي، بوساطة وجودٍ افتراضيٍّ. إنّهم يفقدونَ القدرةَ على التّركيزِ وتحقيقِ الأهدافِ والوفاءِ بالمسؤوليّاتِ.

تشملُ الآثارُ الضّارّةُ لعدمِ الانفصالِ -مُطلقًا- عنِ العالمِ الرّقمي تقليلَ أوقاتِ الانتباهِ، وفقدانَ التّعاطفِ ومعرفةَ الغير، وقلّةَ الطّاقّة اللّازمة للأنشطةِ الإبداعيّةِ أو التّفكيرِ النّقدي.
تنخفضُ الإنتاجيّةُ لأنّ العمّالَ يقضونَ -في المُتوسّطِ- ساعتينِ يوميًّا على هواتفهم الذّكيّة.
الوقتُ الّذي تقضيهِ مع التّطبيقاتِ، والشّبكاتِ، ووسائل التّواصلِ الاجتماعي، والنّصوصِ؛ لا تجعلك أكثر سعادةً من الآن.
إنّهُ يُضعِفُ إحساسك بالرّفاهية، ويزيدُ التّوتّرَ والقلقَ، ويُولّدُ مشاعرَ الوَحدةِ والشّكّ الذّاتي.

مقالات ذات صلة

ترتبطُ السّعادةُ بالإبداعِ ارتباطًا وثيقًا. يكبِتُ الإلهاء الرقمي التّدفّقَ الإبداعيّ.
إذا كنت ترغبُ في استعادةِ السّعادةِ وتُصبح أكثر إبداعًا بوساطة تعلّم كيفيّة مُقاومة جذب الإلهاء؛ عرّفْ قيَمك وحدّدْ ما يجلبُ لك السّعادة.
فكّر ببناءِ دَيْدَنَةٍ جديدةٍ لتبنيَ عاداتٍ إبداعيّةٍ باعتبارك مُشاركًا وحاضرًا ومركز حياتك الخاصّة.

لوّن عقلك

تعدّد المهام

التبديلُ السّريع أو تعدّد المهامّ بين الأنشطة لهُ عددٌ من الآثار الضّارّة.
لا يستطيعُ الدّماغُ البشريّ تأدية مهامٍّ مُتعدّدة. ما تفعلهُ هو «تبديلُ المهام» بين نشاطٍ وآخر، وهذا يستنزفُ الطّاقة العصبيّة.
سوف تُعاني جودةُ مُخرجاتك، وستزيدُ أخطاؤك، وستفقد الفَهم، وستختبرُ مستوياتٍ مُرتفعةً من التّوتّر.
تعدّد المهامّ يُؤثّرُ سلبًا في الذّاكرة ويمنعُ الإبداع.

تحتاجُ إلى تنظيمِ طاقتك وانتباهك. افهم أنّك تُؤجّلُ المهامّ لتفادي المشاعرِ السّلبيّة، فغالبًا تنشأ مشاعر مثل: القلق أو الشّكّ الذّاتي أو الملل، عند أداء مُهمّة ما.
لإعادةِ صياغةِ المُهمّة كأداةٍ لتوليدِ مشاعرِ الإنجاز، تصوّر فوائد إتمام شيءٍ أجّلتهُ. أعدْ ترتيبَ صباحك.
تعاملْ مع مشروعاتك المُهمّة أوّلًا.
أنجزِ المهامّ الّتي تتطلّب وقتًا أقلّ في وقتٍ لاحقٍ من اليوم.

تجنّبْ تعدّد المهامّ. أدِّ مُهمّةً واحدةً عوضًا عن ذلك.
قلّلِ الإلهاء الرقمي من طريقِ إيقافِ تشغيل الإشعارات وإغلاق التّطبيقاتِ والنّوافذ وأَخرِسْ هاتفك الذّكي.
اعمل مُدّة غير مُتقطّعة، مثل (25) دقيقة، ثمّ استغرقْ في راحةٍ لمُدّةِ خمس دقائق لإعادة تنشيط ذاتك. امتنعْ عنِ التّحقّقِ من بريدك الإلكترونيّ أو تصفّح الإنترنت في أثناء الرّاحة. تمطّط أو تحرّك، وببطءٍ زِدْ وقت عمَلك.

سخّر طاقتك الإنتاجيّة للغوصٍ عميقًا في الإبداع.
الغوصُ العميقُ هو القدرةُ على التّركيزِ من دون إلهاءٍ على مُهمّةٍ تتطلّبُ إدراكًا.
للتّبديل بين الجهود العميقة والضّحلة، أخرجْ نفسك من اضطراب مُتابعة العمل دون انقطاعٍ إلى مكانٍ هادئ. اقضِ وقتًا أطول في العملِ المُركّز، وتناوبْ بين أوقاتِ العملِ العميقِ والضّحلِ. أو الاستغراق عميقًا في العملِ كلّما سمحَ بذلك جدولك الزّمني، حتّى لو كان لمُدّةٍ قصيرةٍ فحسب.

كُنْ قاسيًا وتمسّك بوقتِ استغراقك، والتّمسّك بجدولك. تعرّف إلى المكانِ الأفضل الّذي تُؤدّي فيهِ عملك.
خطّط للمُستقبل لتقليل الانقطاعات. بمرورِ الوقتِ، ستشهدُ أوقاتًا من التّدفّق الإبداعيّ في أثناء العمل العميق.
عندما تغمرُ نفسك في مُهمّة، سترى أنّ الوقتَ يطيرُ، وستتدفّق عصارة إبداعك، وستتراجع الإلهاءات الخارجيّة، وستمتلئ بشعورٍ شخصيٍّ بالثّقّة والرّفاهية.

# الإلهاء الرقمي By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!