تطوير الذات والتنمية البشرية

إذا انقطع الإمداد انقطع الوداد

إذا انقطع الإمداد انقطع الوداد

بعضُ النّاسِ لا يمكنُ أن يُوجَدوا دونَ الاعتمادِ على الآخرينَ. إنّهم يستخدمونك لتغذيةِ احتياجاتهم الخاصّة ما دُمتَ توافقُ على نحوٍ أعمى على كلِّ ما يطلبونهُ، ولا تُكافِحُ قراراتهم أبدًا. إنّهم على استعدادٍ لاستغلالك وأخذ ما في وسعهم دون أيّ شكرٍ أو تقديرٍ أو امتنان.

الإيثار في الإسلام: النبل الروحي والمبادئ الأخلاقية | محمود قحطان (mahmoudqahtan.com)

في ظلّ هذه الأوضاعِ، قد يكون من الصّعبِ الاستيقاظ على واقعِ الموقفِ وتطوير الثّقة؛ لاتخاذ موقف تجاههم؛ ولكن عندما يكتملُ ذلك، فإنّه يسمح لك حقًّا ّبالتّطوّر، وزيادة قوّة شخصيّتك ونموّها على المدى الطويل.

لكي تكون على درايةٍ بحقوقك، يجبُ أن تكون على استعدادٍ للتّراجعِ عندما يضغطونَ عليك، وتقول (لا) عندما يرتبطُ الأمرُ براحتك ورفاهيّتك وسعادتك الشّخصيّة؛ لتمنعهم من استغلالك وسوء استخدام حُسن نيّتك، وللمُطالبةِ بالاحترامِ والإعجابِ الّذي هو حقٌّ لك.

لكنّك عندما تتّجهُ نحو اتّخاذ هذه الخطوات؛ فإنّ هؤلاء الأشخاص سيتخلّون عنك. لماذا؟ لأنّه: إذا انقطعَ الإمداد انقطعَ الوداد!

قد تبدو العلاقاتُ الاستغلاليّةُ جميلةً وجذّابةً في البدايةِ، تمامًا مثل الزّهور الصّناعيّة؛ ولكنّها تفتقرُ إلى الجوهرِ الحقيقيّ. نجاحُ هذه العلاقاتُ يعتمدُ على الأفراد الّذين يتعاونون، والّذين يتعيّن عليهم باستمرار تقديم التّضحيّات والتّنازلات من أجلِ الحفاظِ على العَلاقةِ. لسوءِ الحظّ؛ معَ ما يبذلهُ المُستغَلّ من جهودٍ، فهو ليسَ أكثر من مصدرٍ للفائدةِ لدَى الطّرفِ الآخر.

عندما نتحدّثُ عن مَدى استعدادنا للتّضحية، ينبغي أن نتساءَل لمَن نُقدّمُ تلك التضحيات ولأيّ غرض. أي ما الّذي نَرمي إليهِ ونستهدفه؟ إذا لم يكن لديك هدفٌ في الحياةِ، فسوف تضيع على نحوٍ غريبٍ، وتتجّول بلا هدفٍ لتحقيقِ أهداف الآخرين. سينتهي بك الأمرُ إلى تكريِس جهدك، ووقتك، وحياتك، ومالك، لما هو غير لائقٍ أو ذي معنى. لذلك، من المُهمّ  أن تكون واضحًا تمامًا بشأن أهدافك، وأن تُدركَ بجلاءٍ ما تريدُ تحقيقه، وأن تكون مستعدًّا لقَبول التّحديّاتِ والانعكاساتِ المُحتملةِ للقراراتِ الّتي تتّخذها لتحقيقِ هذه الأهداف. يجبُ أن نتساءَل عمّا نحنُ مُستعدّونَ للتّخلّي عنه لتحقيقِ أهدافنا الشّخصيّة وما الّذي نعملُ من أجلهِ.

في النّهايةِ، الأمرُ متروكٌ لك لمعرفة متى يجبُ أن تقولَ (لا) للآخرين، ووضع حدودٍ صحيّة في حياتك. إذا كنت تُستَغَلّ، فلا تَخفْ من طلبِ المُساعدة من صديقٍ أو من أحد أفراد العائلة أو من مُعالجٍ. أنت لا تستحقّ أن تُعامَل بهذهِ الطّريقةِ، وتستحقّ أن تكونَ سعيدًا.

# إذا انقطع الإمداد انقطع الوداد By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫14 تعليقات

  1. استغلال الآخرين أمر خاطئ أخلاقياً، ويجب أن نتعامل مع الجميع بكرامة واحترام. بدلاً من الانتفاع الشخصي على حساب الآخرين، ينبغي أن نبني مجتمعات تقوم على العدالة وتكافؤ الفرص.

    1. أوافقك الرأي تمامًا، لقد عبّرتَ بوجهٍ رائع عن المبدأ الأخلاقي الصّحيح الّذي يجبُ أن نتّبعه في التّعاملِ معَ الآخرين. يجب أن نحترم كرامة الجميع وحقوقهم، وأن نعاملهم بالطّريقة الّتي نحبُ أن يعاملونا بها. الاستغلال والظّلم أمر خاطئ ويُؤدّي إلى مجتمعاتٍ منقسمةٍ وغير عادلة. شكرتُ لكِ لتذكيرنا بهذه الحقيقة المُهمّة.

  2. الاستغلال يؤدي إلى إحباط وغضب وعدم ثقة، وهذا ما يجب تجنبه من أجل مجتمع سليم ومتماسك.

    1. عندما يشعرُ النّاسُ بالإحباطِ والغضب وعدم الثّقة فإنّ ذلك يُؤدّي إلى تفكّك العلاقاتِ الاجتماعيّةِ وانعدام التّضامن بينَ أفرادِ المُجتمع. لذلك علينا جميعًا أن نتحلّى بالوعي ونتجنّب أيّ شكل من أشكالِ الاستغلال؛ فالمُجتمع السّليم هو الّذي يرتكزُ على العدلِ والثّقةِ والتّعاون.

    1. شكرًا لتفهّمكِ وموافقتكِ على أهميّة تجنّب استغلال الآخرين. إنّه سلوكٌ إيجابيٌّّ يجبُ أن نتبنّاه جميعًا لبناءِ مجتمعٍ أكثر عدلًا وتعاونًا.

Average
5 Based On 7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!