مقالات في العمارة والأدب والحياة

الدلالة والمعنى الضمني في كتابة الشعر

الدلالة والمعنى الضمني في كتابة الشعر

على عكس الدلالة والمعنى الضمني في كتابة الشعر؛ تُستخدَمُ كلماتٌ مثل: «رائع» أو «مذهل» لوصف كلّ شيءٍ، من وجبةٍ جيّدةٍ إلى فيلمٍ رائعٍ، من دون أيّ تفكيرٍ في معناها الفعليّ. قد يُؤدّي انعدام الدّقة هذا في استخدامِ اللّغةِ إلى سوءِ الفَهم وانهيار التّواصل؛ لأنّنا قد نفترضُ أنّ الجميعَ يستخدمونَ الكلماتِ بالطريقةِ نفسها الّتي نستخدمُها نحنُ.

مِنَ المهمّ أنْ نسعَى إلى الوضوحِ والدّقةِ في استخدامنا للّغة، خاصّةً في الإعدادات المهنيّة أو الرّسميّة. على سبيل المثال، استخدام كلمة «حثّ»، الّتي لها المعنى الدّقيق نفسه لكلمة «حضَّ»، و«الذّم» و «التّقريض»، و«البخل» و«الضَّن»… وغيرها من الكلماتِ.

الكُتّاب، وخاصّةً الشُّعراء، لا يستطيعون استخدام الكلمات بلا مبالاةٍ أو بطريقةٍ عشوائيّة لإنتاج كتابةٍ واضحةٍ وجذّابة، منَ الضّروري اختيار كلّ كلمةٍ بعنايةٍ. يعني هذا العثور على الكلمةِ الأكثر دقّة ومُناسبة لنقل فكرةٍ مُعيّنة.

مقالات ذات صلة

معنيان أساسيّان يرتبطان بالكلماتِ، وهما «الدّلالة» و «المعنى الضمني» أو «المعنى الإضافي». منَ المهمّ التّمييز بين هذين المعنيين من أجلِ تعزيز كتابتنا. يُمكننا استخدام «الدّلالةِ» و«المعنى الإضافي» لجعل نثرنا وشعرنا أكثر قوّة.

الدلالة

الدّلالة هي: التّعريف الّذي يُتيحهُ المعجم للكلمةِ، وهو معناها الحرفيّ.

مثلًا، الكلمة «أم» تعني الأمّ الأنثى. إضافةً إلى ذلك، تعني كلمة «الوالدة» الأمّ الأنثى الّتي أنجبتْ طفلًا؛ معَ أنّ هذين المصطلحين لهما المعنى نفسه (وعلى هذا الدّلالة نفسها)؛ إلّا أنّهما قد يحملان دلالاتٍ مُختلفةٍ.

أساسيات الشِّعر: الألفاظ والكلمات

المعنى الضمني أو الإضافي

معَ مرور الوقت، تتغيّر اللّغة نتيجة استخدام الكلمات المتداولة، وتكتسب هذه الكلمات معانٍ وإيحاءاتٍ ثقافيّةٍ وعاطفيّةٍ. يُشيرُ «المعنى الإضافي» للكلمة إلى: «الدّلالة الضّمنيّة» أو «المعنى الضِّمني» المُستقى من الكلمةِ ويتجاوزُ ما هو مشروحٌ في المعجم.

إضافةً إلى ذلك، يُمكن عدّ «الدّلالةِ» جزءًا منَ «المعنى الضِّمني». على سبيل المثال، الكلمتين «أم» و«والدة» معَ أنّهما تحملان التّعريف نفسه في المعاجم؛ إلّا أنّهما تحملان معانٍ إضافيّة مُختلفة عند استخدامهما في سياقٍ مُعيّن. على سبيل المثال، إذا قرأنا الجُملتين الآتيتين:

«أُمّي، خبزت لي الكعك الّذي أحبّهُ».

«ألقت والدة العروس خطابًا صادقًا في حفلِ الزّفاف».

معَ أنّ الكلمتينّ لهما معنىً مُتطابق في المعجم؛ إلّا أنّ الرّسالة الأساسيّة المُستعارة تكون مختلفة، فكلمة «الأم» مصطلحٌ غير رسمي يُستخدم للإشارةِ إلى الأمّ الأُنثى بطريقةٍ مألوفةٍ ومُحبّبة. يُستخدَمُ عادةً في المحادثاتِ اليوميّةِ وفي سياقِ العائلة. «الأم» غالبًا ما ترتبط بالدّفءِ، والحبِّ، والعلاقة القريبة بين الطّفل وأمّه. يحمل إحساسًا بالحميميّة والألفة.

أمَّا «الوالدة» هو مصطلح أكثر رسميّة، يُستخدم للإشارةِ إلى الأمّ الأُنثى. يُستخدَمُ عادةً في السّياقاتِ الرّسميّة والمهنيّة، مثل: الوثائق القانونيّة أو الإعدادات الرّسميّة. «الوالدة» لها دلالةٌ أكثر احترافيّة أو بعدًا عن «الأم». يُستخدم عندما يكون هناك مستوى أعلى منَ الرّسميّةِ مطلوبًا أو عند التّحدّث بأسلوبٍ أكثر احترامًا أو رسميّة.

يُمكنُ أن يعزى الاختلاف إلى الدّلالاتِ السّياقيّة المعنيّة. يُمكنُ أن تبدو كلمة «والدة» في المثالِ رسميّةً؛ ولكن هناك حالات أخرى حيث لا يكون الأمر رسميًّا بالضّرورة.

«إنَّها والدَةٌ مُحبّةٌ ومُخلصةٌ».

واضحٌ أنّ الكلمة يُمكن أن تكون لها معانٍ مُتنوّعة بناءً على السّياقِ الّذي تُستخدمُ فيه.

 

 

استخدام الدلالة والمعاني الإضافية في الشِّعر

استخدام «المعاني المباشرة والمعاني الضّمنيّة» في كتابةِ الشِّعر، المعروفة باسم «الدّلالة والمعنى الإضافي» أيضًا، هو جانبٌ حاسمٌ في إبداعِ أعمالٍ أدبيّةٍ جذّابةٍ ومُؤثرّة. باستخدام مختلف خيارات الكلمات والعبارات، يُمكن للشّاعرِ أن يضفي على عمله طبقاتٍ مُتعدّدةٍ منَ المعنى والعاطفة؛ ما يُتيحُ له التّواصل معَ القرّاءِ على مستوى أعمق.

عند كتابةِ الشِّعر، منَ الضّروري وضع «الدلالة» و«المعنى الإضافي» في الاعتبار. يُعَدّ اختيارُ الكلماتِ جانبًا مهمًّا في الشِّعر؛ لأنّه الوسيلة الّتي نستخدمها لنقل مفاهيمنا، وأفكارنا، وصورنا. بوساطةِ مراعاة «الدلالة» و«المعنى الإضافي»؛ يُمكننا اختيار الكلمات الّتي تضيفُ طبقاتٍ وأهميّةٍ أكثر إلى شِعرنا.

بعضُ الكلماتِ لها تعريفاتٌ مّتعدّدة. مُعظم الكتاب سوف يختارون أيسر كلمة والتعريف الأكثر شيوعًا.

مثلًا في نصِّي «آتيةٌ مِنْ حُلم»، كتبتُ:

لا أبْحَثُ عَمَّنْ
تُحْصي الرِّجَالَ بنهْدَيْهَا
وتَمْلأُ حُجْرَتَها..
بلِقَاءَاتٍ خَرْسَاء
وتُضَاجِعُ كُلَّ الخطايَـا
لأُغادِرَ عُنوَانهَا..
مَطعونًا..
بِغـُرْبَةِ الغِـيَابِ
صَائِحًـا..
مَنْ يُشْعِلُ النُّورَ
قبلَ تَثاؤُبِ الشِّفَاه!

الكلمةُ الّتي أعنيها هي كلمة «تُضَاجِعُ»، ربّما بعضُ الكتّابِ سيختارونَ كلمةً أيسر أو لفظًا أكثر شيوعًا، مثل: «تُمارسُ»، «ترتكبُ»… إلخ، لتسهيل فَهم الكتابةِ للقرّاءِ الّذين قد لا يكونون على درايةٍ بالتّعريفِ الأكثر تعقيدًا للكلمة.

تُعزّزُ كلمة «تُضاجعُ» وقوع المرء في ذنوبٍ وأخطاءٍ مُختلفةٍ، وتُشيرُ إلى الانغماسِ أو التّورّطِ في الخطايا والأفعالِ غير المشروعةِ والمُشينة دونَ أيّ تردّدٍ أو ضميرٍ، وتُعبِّرُ عن حالةٍ منَ الضّعفِ أو عدم القُدرةِ على مُقاومةِ الإغراءاتِ والتّحديّاتِ السّلبيّة الّتي تتعارضُ معَ القيمِ القانونيّة والمبادئ الأخلاقيّة.

معَ أنّه يٌمكن استخدام هذه التّقنيّات الأدبيّة في أيّ نوعٍ منَ الكتابةِ؛ إلّا أنّها تنطبق بوجهٍ خاصٍّ على الشِّعر نظرًا لتركيزهِ على اللّغةِ والألفاظِ والتّعابير الجماليّة. تُتيح قدرة اختيار الكلمات واللّعبِ بالمعاني المتعدّدة إمكانيّة تعبير الشَّاعر عن أفكاره ومشاعرهِ بطرائق جديدةٍ ومثيرةٍ للاهتمام.

في النّهايةِ، فإنّ استخدام «الدلالة» و«المعنى الإضافي» في الشِّعر يُتيحُ للقارئ تجربةً غنيّةً وعميقةً؛ لأنّهُ يدعوهُ إلى التّفكيرِ، والتّأمّل، واستكشاف المشاعر، والأفكار المختلفة الّتي تحملُها الكلماتُ.

# الدلالة والمعنى الضمني في كتابة الشعر By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أنا شاعر وأعمل على كلماتي بعناية. في الواقع، يكون قاموس المرادفات الخاص بي دائمًا بجانبي عندما أقوم بتحرير ومراجعة مسودة قصيدة ما. الدلالات مهمة ولكن مع الشعر، غالبًا ما أريد الأصوات المناسبة للتعبير عن المعنى والإيقاع المناسب لتناسب إيقاع القصيدة. أحيانًا يستغرق الأمر يومين لكتابة قصيدة من ثمانية أسطر!

    1. لقد بدأتُ بالفعلِ في كتابةِ فِقرةٍ حول اختيار الكلمات بناءً على الصّوت؛ ولكن كان هناك كلامًا كثيرًا وخشيتُ أن تبتعد المقالة عن الموضوع الرّئيس؛ لذلك لم أُكملها. أعرف ما تعنيه، فلدى الشّعراء تكون الموسيقى هي العامل الحاسم في بعضِ الأحيان.

Average
5 Based On 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!