- مقدّمة
- عِمارةُ العالمِ القديم
- التقاليد المعماريّة لمصر القديمة
- خصائص العمارة المصرية القديمة
- أمثلة على العمارة المصرية القديمة
- تأثير العمارة المصرية القديمة وإرثها
- حقائق وأساطير مُمتعة
العمارةُ هي فنُّ البناء؛ ولكنّها أيضًا أكثرُ من ذلك بكثيرٍ. تعكسُ المباني طريقةَ حياةِ الأشخاصِ وثقافتهم ومُعتقداتهم.
تعددتِ الحركات المعماريّة الّتي تشتركُ في التّقاليدِ والثّقافة، تعتمدُ كلّ حركةٍ جديدةٍ على الحركةِ السّابقة؛ ومع ذلك، لا تبدأ الفترات التّاريخيّة وتتوقّف عند نقاطٍ مُحدّدةٍ على الخريطةِ أو التّقويم.
تتدفّقُ الفتراتُ والأنماطُ أحيانًا معًا، وأحيانًا تخترعُ أساليبَ جديدةً، وغالبًا ما تُعيدُ اختراعَ الحركاتِ القديمةِ. التّواريخُ دائمًا تقريبيّة.
العمارةُ هي فنٌّ مائعٌ. نحنُ نعرفُ تاريخَ العِمارةِ، خاصّةً من طريقِ المباني الّتي لا تزالُ قائمة حتّى اليوم، بما في ذلك المباني الّتي يبلغُ عمرها آلاف السّنين.
اقرأ أيضا : النقد المعماري: مراحله، ومستوياته
يدرسُ المؤرّخونُ أيضًا المباني الّتي دُمِّرَت باللّجوءِ إلى السّجلاتِ المكتوبةِ أو الحفرياتِ الأثريّة.
موضوع مُميّز: العمارة الطّينيّة في اليَمَنعِمارةُ العالمِ القديم
كانَ البشرُ يُصمّمونَ ويبنونَ في الفترة المعروفة باسم العصر الكلاسيكي اليوناني. نَمَت رومَا من الأفكارِ الّتي تطوّرت قبلَ قرونٍ من ظهورِ المستوطناتِ البشريّةِ الأُولى settlements الّتي كانتْ تتكوّنُ مِنْ هياكلَ أكثر تعقيدًا مِنَ الكهوفِ أو أكواخٍ خشبيّةٍ بدائيّةٍ ظهرتْ نحو (6000) سنة قبل الميلاد في منطقة الشّرقِ الأوسطِ القديمةِ المعروفةِ باسم «بلاد ما بين النّهرين Mesopotamia».
استقرّ النّاسُ هناكَ في أماكنَ خصبةٍ وبدأوا في الزّراعةِ. السّومريّون Sumerians، النّاسُ الّذين عاشوا في بلاد ما بين النّهرين، نحو (3000) سنة قبل الميلاد، بدؤوا في بناءِ مُدُنٍ كبيرةٍ، في وسطِ هذهِ المدنِ تُوجدُ المعابدُ الكبيرة temples.
اقرأ أيضا : التصميم الجماعي وأثره في تطوير الفكر المعماري
كانتِ المعابدُ مكوّنة من هياكلَ مُتدرّجة تُسمّى «الزّقورات ziggurats». صُنعَتِ الزّقوراتُ من طوبِ الطّينِ المجفّف بالشّمس. تبنّى سكّانُ بلادِ ما بين النّهرين هذا النّمط مِنَ الهندسةِ المعماريّةِ في تصميمِ المدينةِ في وقت لاحق، بما في ذلك الأكاديّون Akkadians والبابليّون Babylonians.
زقورة أور
يمكنك رؤية زقورة أور، إنّها واحدة من أفضلِ الهياكلِ المحفوظةِ في مدينة السُّومريّين. بُنيَ الهيكل في أوائل العصر البرونزي؛ ولكنّه انهار بحلول القرنِ السّادسِ قبل الميلاد ثمّ جرى استعادته.
تقاليد العمارة المصرية القديمة
استمرت حضارة العمارة المصرية القديمة لأكثر من ثلاثة آلاف سنة (3000) قبل الميلاد. حتّى (30) قبل الميلاد، عاش المصريّون في شمال إفريقيا على طول نهر النّيل، أطولُ نهرٍ في العالم.
كانَ الكثيرُ منَ الهندسةِ المعماريّةِ الّتي أنشأها المصريّون القُدَمَاء مرتبطة بدينهم في مصر.
كانَ الحاكمُ في مصر القديمة يُدعى فرعون pharaoh. آمنَ المصريون بالحياةِ بعدَ الموتِ وكانَ الفراعنةُ يُعَدّونَ آلهةً.
إنّهم يعتقدونَ أنّه لكي تحيا الرّوح، يجبُ الحفاظ على جسدِ الميّتِ أو تحنيطهِ ودفنهِ في المقابرِ tombs، إلى جانب كلّ الأشياءِ الّتي يحتاجُ إليها الشّخصُ على الأرضِ. منَ المثيرِ للاهتمام، لمّا كان المصريّون يؤمنون بالحياةِ الآخرةِ، فإنّ الحفاظَ على الجسدِ كان مصدر إلهامٍ كبيرٍ للتّصميم المعماريّ؛ وعلى هذا فإنّ بعضَ أقدمِ المباني في العالمِ هي -في الواقعِ- مقابر!
اقرأ أيضا : الفرق بين كفاءة الطاقة وترشيد الطاقة
وُضِعَتِ المومياواتُ mummies في تابوتٍ coffin عليها صورةٌ فنيّةٌ مرسومةٌ للوجهِ، وأنشئتِ المنحوتات واللّوحات الجداريّة في المقابرِ لاستخدامها في الحياة التّالية.
كثيرٌ من الفنِّ المصريّ صُنِعَ لمقابر ملوكهم. لسوء الحظِّ، سرقَ اللّصوصُ مُعظم الأعمالِ الفنيّةِ المخبّأةِ في المقابر على مَدى آلاف السّنين.
خصائص العمارة المصرية القديمة
لم يتغيّرِ الأسلوبُ الأصليُّ الّذي طوّرهُ المصريّون القُدَماء كثيرًا، فقدِ استمرّ مُعظمُ الفنّانين في نسخِ هذه الأنماطِ والأساليب على مدارِ الثّلاثةِ آلاف عامٍّ المُقبلَة. حتّى في أثناء فترات الحكم الأجنبي، ظلّتِ العمارة المصرية على حالِها، ولم تتبنّ أيّ تأثيرٍ منَ الثّقافاتِ الأُخرى تقريبًا، وكانت الأسقفُ المسطّحةِ تُدعمُ بجدران خارجيّة وأعمدة.
مواد البناء
- الحجر stone: بُنيَتِ الأهراماتُ والمقابرُ -في الغالبِ- بالحجرِ، وخاصّةً الحجر الجيري Limestone؛ وبالحجر الرّملي sandstone أيضًا. تتميّز هذه الهياكل الضّخمة بجدران سميكةٍ ومُنحدرةٍ معَ عددٍ قليلٍ من الفتحاتِ.
- الطّوبُ الطِّيني Mud bricks: إضافةً إلى ذلك استخدموا الطّوبَ المصنوع من طينِ النّيلِ المجفّفِ في الشّمسِ، واستخدموا -في الغالب- الطّوب اللّبن للمباني المنزليّة.
أمثلة على العمارة المصرية القديمة
من أشهرِ الأمثلةِ على العمارةِ القديمةِ الأهراماتِ، والمعابدِ المصريّةِ القديمةِ، وقد نجا بعضُها حتّى يومنا هذا.
الأهرامات Pyramids
بُنِيَتِ الأهراماتُ كمقابرَ لملوكِ مصر القديمة. حتّى نحو ثلاثة آلاف ومئة قبل الميلاد، دفنَ المصريّون ملوكهم تحتَ هيكلٍ مستطيلٍ من الطّوبِ اللّبن. تُسمّى هذه المقابر مصطبات mastabas. طُوِّرَ نوعٌ جديدٌ منَ القُبورِ طوال ألفين وستمئة قبل الميلاد بوساطة إمحوتب Imhotep.
إمحوتب هو أوّلُ مهندسٍ معماريٍّ عرفهُ التّاريخ. بنى قبرًا للملك زوسر Djoser في مدينة سقارة Saqqara.
يتكوّن القبرُ من عدّة مصاطب مكدّسة واحدة فوق الأخرى، ويتناقصُ حجمها من أسفلٍ إلى أعلى. كان هذا أقدمُ هَرمٍ معروف، وكانَ أوّلُ هيكلٍ بُنيَ بكتلٍ ضخمةٍ من الحجرِ المقطوع، وأصبح يُعرفُ باسم الهرم المدرّج لأنّ كلّ جانبٍ من جوانبِ الهرمِ بدا وكأنّهُ خُطُوات.
الهرم أحد مواقع التّراث العالمي لليونسكو؛ فمواقع التّراث العالمي تُحافظُ على أماكنَ مُهمّةٍ جدًّا في العالمِ من وجهةِ النّظر الثّقافيّة. تختارُ اليونسكو UNESCO هذه الأماكن، (منظّمة الأمم المتّحدة للتّربية والعلم والثّقافة).
أهرامات الجيزة العظيمة
أهم الأهرامات وأشهرها هي أهرامات الجيزة الثّلاثة على ضفّة نهر النّيل الغربيّة. بُنيَ الهرم الأكبر في الجيزة عام ألفين وخمسمئة وستّين قبل الميلاد للملك خوفو Cheops.
كانَ الهرمُ الأكبرُ أطولُ مبنًى من صنعِ الإنسانِ في العالمِ منذُ ما يقربُ من (4000) عام. يبلغُ طولهُ 230 مترًا (756 قدمًا) على كلّ جانبٍ، ووصل ارتفاعه في الأصلِ إلى 147 مترًا (481 قدمًا).
تغطي قاعدته 13 فدانًا (5.2 هكتار). يتكوّن الهرم من نحو (2300000) قطعة من الحجر الجيري المقطوع بدقّة. يبلغُ مُتوسّط وزن هذه الأحجار طنّينِ ونصف. قُطِعت أكبر الأحجار وطَفتْ على مسافةِ ألف كيلومتر أسفل نهر النّيل إلى موقع الهرم باستخدام أيسر الأدوات فحسب. سُحِبَتِ الحجارةُ فوقَ منحدراتِ الأرض ووُضعتْ في مكانها.
الهرمُ الأكبرُ في الجيزةِ هو أقدمُ نصبٍ تذكاريٍّ في قائمة عجائب الدّنيا السبع في العالمِ القديم، وهو الوحيد المتبقّي. أضيفَ الموقع إلى موقع التّراث العالمي اعترافًا بالقيمةِ العالميّة للأهراماتِ وعصورها القديمةِ والحضارة الاستثنائيّة الّتي تُمثّلها.
بعد نحو ألف وستمئة وأربعينَ قبل الميلاد، توقّفَ المصريّون عن بناءِ الأهراماتِ. لجؤوا إلى نحتِ المقابر في منحدرات التّلال hillsides.
المعابد Temples
معبد حتشبسوت Hatshepsut Temple
بنى المصريّون القُدماء عددًا من المعابدِ. المعابدُ الّتي يعبُدُ فيها المصريّون آلهتهم. بُنيَت كقصورٍ كبيرةٍ، وغالبًا ما كانت تحملُ تماثيل كبيرة لآلهتهم إضافةً إلى عددٍ من اللّوحاتِ على الجُدرانِ والطّقوس اليوميّة rituals والاحتفالات الموسميّة المرسومة على جدران المعابد.
غالبًا ما تحتوي المعابدُ على الضّريح shrine؛ لذا فإنّ التّمثال الموجود في المعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت Hatshepsut في الدّير البحري هو أحد أروع المعابد الّتي لا تزالُ موجودة اليوم. حُفِرَ في جانبِ مُنحدرٍ من الحجرِ الجيري نحو عام (1470) قبل الميلاد.
معبد الأقصر ومعبد الكرنك
رفعت المعابد الّتي بنيت في الأقصر والكرنك إلى الآلهة. كانت القاعات الكبيرة مُحاطة بأعمدةٍ مُتقاربةٍ، وكان القسمُ المركزيُّ منَ القاعةِ أطولَ من الأقسامِ الجانبيّة. كان لسقفهِ المرتفعُ فتحاتٌ جانبيّةٌ للسّماحِ بدخول الضّوء. كان هذا المعبدُ أقدَمَ مثالٍ معروفٍ عن النّوافذِ العلويّةِ للإضاءةِ clerestory.
في الهندسةِ المعماريّة، نوافذُ الإضاءةِ العلويّة clerestory هي جزءٌ مرتفعٌ منَ الجدارِ يحتوي على نوافذَ فوقَ مُستوى العَين. الغرض من ذلك هو السّماح بدخولِ الهواءِ النّقيّ والضّوء. تؤثّر نوافذُ الإضاءةِ العلويّة clerestory وخصائص أخرى للمعابدِ المصريّةِ القديمةِ في تطوّرِ العِمارةِ الكلاسيكيّةِ في اليونانِ، ثمّ في وقتٍ لاحق في روما.
كلا المعبدَين من مواقع التّراث العالمي لليونسكو.
المسلات Obelisks
أنشأ المصريّون القُدَماء المسلّات. المسلّةٌ نصبٌ تذكاريٌّ مصنوعٌ من قطعةٍ واحدةٍ من الحجرِ تخليدًا لذكرى الفراعنة وإنجازاتهم وأحداث حياتهم. المسلّةُ ذات شكلٍ مُربّع تتناقصُ أضلاعه الأربعة تدريجيًا كلّما ارتفعنا لتنتهي بقمّةٍ هرميّةِ الشّكل.
تأثير العمارة المصرية القديمة وإرثها
أثّرتِ العمارة المصرية القديمة على تطوّرِ العمارةِ الكلاسيكيّةِ في اليُونان وبعدئذٍ في روما. كانَ للخبرة المصريّة في الحجرِ تأثيرٌ قويٌّ في العمارةِ اليُونانيّة اللّاحقة أيضًا، ولا تزال المسلّات المصريّة تحظى بشعبيّةٍ كبيرةٍ في جميعِ أنحاءِ العالم ويمكن العثور على عددٍ من المسلّاتِ في أوروبّا وأمريكا اليوم، بُنيَت كمسلّاتٍ حديثة.
على سبيل المثال: النّصبُ التّذكاريُّ الوطنيُّ للحربِ العالميّة الثّانية في واشنطن العاصمة.
بعضها مأخوذٌ من مصر، مثلًا المسلّة الواقعة في سنترال بارك في نيويورك.
المسلّة من معبدِ الأقصر. مثبّتة حاليًا في وسط ساحة بلازا دي لا كونكورد الشّهيرة في باريس. تقولُ الأسطورةُ أنّ الإمبراطور الفرنسي نابليون أخذها إلى باريس؛ ومع ذلك، فقد منحتها الحكومةُ المصريّةُ إلى الفرنسيّين كهديّةٍ في ثمانية عشر وتسعة وعشرين.
يُمكنُ رؤية التّأثير المصريّ في العمارةِ الحديثةِ أيضًا. أحد الأمثلة الأكثر شهرةً على ذلك هو المدخل الجديد لمتحف اللّوفر في باريس، الّذي بُنيَ في عام تسعة عشر وتسعة وتسعين، ويتميّز بهرمٍ مصنوعٍ من الفولاذِ والزّجاج. صُمِّمَ هذا الهرم الكبير بنسب هرم الجيزة الشّهير نفسها.
من الأمثلة أيضًا: الأقصر لاس فيجاس، وهو فندق وكازينو من ثلاثين طابقًا، يقعُ في لاس فيجاس في الولايات المتّحدة، ويضمُّ الهرمَ الأسودَ المشؤومَ ominous، وتمثال أبو الهول Sphinx أمامه.
حقائق وأساطير مُمتعة
إليكم بعض القصص الشّيقة عنِ الغموضِ الّذي يعرفهُ أبو الهول العظيم Great Sphinx. أبو الهول في مصر القديمة مخلوقٌ أسطوريٌّ يحتوي على جسدِ أسدٍ ورأسٍ بشريٍّ. بُني أبو الهول في أيّ مكان.
كان المصريّون يطلبونَ الحمايةَ، فبنوه -في الغالب- في المقابر والمعابد. أشهرهم أبو الهول الّذي يحمي الهرم الأكبر في الجيزة، والمعروف أيضًا باسم «أبو الهول». هو ضخمٌ، يبلغ طوله (73) مترًا، وعرضه ستّة أمتار، وارتفاعه عشرين مترًا. عيناه وحدها بطول مترين. تمثال أبو الهول هو أحد أقدم التّماثيل وأشهرها في العالم.
قصّةُ أبو الهول العظيم مفقودة. يُعَدّ الأنفُ الأكثر غموضًا، ولا يزالُ يُحيّر علماء الآثار archaeologists حتّى يومنا هذا. كانَ أنفهُ المفقود يُلهم الخيالَ بقصصٍ متنوّعة حول كيف فقد هذا الوحشُ العظيمُ أنفَه؟! ثمّةَ قصصٌ عن كسرٍ الأنف في أثناء غزو invasion نابليون (1798-1801)، وأُلقِيَ باللّوم على جنودِ نابليون عندما أطلقوا قذيفةَ مدفعيّة على وجهِ أبو الهول. لكن ثبت عدم صحّة هذه النّظرية لأنّهُ عُثِرَ على صورٍ لأبو الهول وهو من دونِ أنفٍ قبل وصول نابليون.
قصصٌ أخرى أنّهُ ضُرِبَ في أثناء تدريب الجنود الأتراك على الهدف.
تأتي نظريّةٌ أخرى من مؤرّخٍ مصريٍّ كتبَ في القرن الخامس عشر أنّه في الثّالثة عشرة والثّامنة والسّبعين، دمّرَ زعيمٌ صوفيٌّ مسلمٌ أنفَه بسبب غضبهِ عندما رأى فلّاحين محلّيّين يُصلّون لأبي الهولِ على أملَ أنْ تتحسّنَ محاصيلهم.
يعتقدُ كثيرٌ منَ النّاسِ الآن، أنّ الأنف نقشه chiseled شخصٌ يَعُدُّ أبو الهول شرّيرًا.
بغضّ النّظرِ عن كيفيّة كسر أنف أبو الهول العظيم، فإنّ وجههُ المندوبُ scarred أصبح الآن إحدى صفاته الأساسيّة، وهو دليلٌ testament على طبيعتهِ المتشظّية fragmented.
#العمارة المصرية القديمة By محمود قحطان،