العمارة الخضراء

البيوت الذكية sMART hOUSE

البيوت الذكية sMART hOUSE

مصطلح البيوت الذكية ليس بالقديم ولا الحديث، فقد بدأ هذا المُصطلح عام 1991م. لأوّل مبنى من هذا النَّوع في ألمانيا.
البيوت الذكية، هي مبانٍ يُمكنها أن تُفكِّر! أي: تعرف –تمامًا- ما يدور داخلهِا وخارجهِا. يُمكنها أن تُقرِّر! وذلك باتِّخاذ أفضل الحلول لتقريرِ البيئةِ المُناسبة للمستخدمين. هي مباني المُستقبل. هي البيوت الّتي تستخدم آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا وأحدث التّقنيات لإدارة جميع عناصر المسكن أو المبنى باستخدام (الكمبيوتر)، فتستجيب إلى رغباتِ المُستخدمين؛ ما يُحقِّق أكبر قدر من المرونة والرَّاحة والأمان، ويعني استعانة أقلّ بالإنسان، حيثُ يتحكّم (الكمبيوتر) بشؤون الكهرباء والحرارة والإضاءة والتَّكييف وأنظمة الحرائق والإنذار والأنظمة السَّمعية والمرئيّة والأجهزة الإلكترونيّة المُختلفة، وما إلى ذلك ممَّا يدخل ضمن تصميم المبنى بطريقةٍ تجعلها تتكامل مع البيئةِ.

من خصائصها:

  1. تقليلُ استهلاك القوّة (الطّاقة) حيثُ تمنع تسرّبها باستخدام جدرانٍ عازلة، مع استفادةٍ كاملةٍ من الطَّاقة الشَّمسيّة.
  2. يُمكنها توقّع درجات الحرارة المُناسبة، فتتحكّم بـ (المكيّفات) بتشغيلها تلقائيًّا عند درجات الحرارة المُرتفعة، أو تفتح نوافذ المبنى للتّهوية، وذلك بحسب التّهيئة الآلية لهذه الأجهزة.
  3. تتفاعل مع البيئة، أو ما تُسمَّى (العمارة المُستدامة أو الخضراء). وذلك من أجلِ تحقيق أكبر قدر من التَّوازن بين المبنى والبيئة المُحيطة.
  4. لأنَّها تتحكَّم بجميع أجهزة المبنى الإلكترونيّة، فهي مُناسبة جدًّا لذوي الاحتياجات الخاصَّة، كالمعاقين وكبار السِّن، والأطفال، مثلًا.
  5. يُستخدم في مادة بنائها الخشب المُعالج والمُقاوم للحرائق والحرارة والرُّطوبة والفطريات؛ وذلك لأنَّ الخشبَ صديقٌ جيِّدٌ للبيئة؛ ولأنَّ تصنيعهُ يحتاج إلى قوّةٍ (طاقّة) أقل؛ ولكن هذا لا يمنع استخدام مواد البناء التقليدية كالطُّوب مثلًا. إضافةً إلى ذلك يُمكن تلبيس الخشب بأيّ مادّة بناء نرغب بها، والغالب تلبيسها بالسِّيراميك، وفي الأدوار المُتكرِّرة تُستخدم الأعمدة الخرسانية.
  6. مبانٍ  تشعر عن بعد فيُمكنكَ أن تأمرها! لأنَّها تستجيب لبصمة الصَّوت. الإضاءة في هذه المباني تشعر بالحركة أيضًا، أي: أنَّهُ بمُجرَّد مرورك داخل المبنى فإنَّ الأضواء ستعمل تلقائيًّا.
  7. يُقال إنَّها أقلّ تكلفة من المباني العادية؛ لأنّها في الغالب مُسبقة الصُّنع؛ ولكنَّني أظنّ أنَّ النِّظام الذَّكي المُستخدَم مُكلِّف جدًّا.
  8. نظامُها الأمني مُتطوّرٌ جدًّا، كاميرات المراقبة في كلِّ مكانٍ، تُغلق نوافذ المنزل وأبوابه إزاء اللّصوص، فيُعطي تنبيهًا أو إنذارًا عند فتح البابِ أو فتح النَّافذة عنوة. حتَّى إنَّهُ يُرسلَ رسالةً إلى هاتفك الخلوي عند انتهاكِ أحدهم خصوصيّة منزلك.
  9. يتحكَّم بمنظومةِ الصَّوت والصُّورة، فيُمكنكَ الاستماع والمُشاهدة في جميع أجزاء المنزل. يدلُّ هذا على استفادتهُ من خاصِّية ما يُسمَّى (بالمشاهدة التَّفاعليّة).
  10. هي بيوتٌ قابلةُ للتَّعديلِ بحسب رغبة المُستخدم واحتياجه. بمعنى أنَّ المبنى مُزدوج الوظيفة، أي: يُمكنكَ أن تتحكَّم بهِ يدويًّا أو إلكترونيًا. فلا تقلقوا من انقطاع التَّيار الكهربائي.

 يُعبِّرُ المبنى الذّكي عن مُجتمعه، بمعنى: أنَّنا سنجد هذا النَّوع من المباني في البلدان المُتقدِّمة علميًّا؛ ولكن هذا لا يمنع وجود بعض التَّجارب في بعضِ البلدان العربيّة كالإمارات والكويت. الحقيقةُ إنّ طموحات السّاكن أو المُستخدم تطوّرت وصار يبحثُ عن جزءٍ ولو يسيرٍ من هذه التّقنية في مَبناه. ربَّما -في الوقت الرَّاهن- لا نجدُ انتشارًا كبيرًا لهذه البيوت؛ ولكنَّني أتوقَّع في الأعوام القادمة أن يتَّجه المُصمِّم والمُجتمع إلى الاستفادة من التقنية الذكية -في الأقل- مواكبةً للتَّطور السَّريع في تقنيات تنفيذ المباني، وتحقيق أكبر قدر من الرّاحة.

بعضُهم يُصنِّف البيوت الذكية أو المباني الذكية ضمن المباني المُيسَّرة، أي: المباني التي تُحقِّق جميع مُتطلَّباتِ الأسرة في حدود إمكانيّاتهم، فمواد البناء الرَّخيصة (صديقة البيئة)، واختصار استهلاك الكهرباء المياه؛ تعني نفقات صيانة أقل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة من أجلِ مُمارسةِ الأنشطة اليوميّة بسهولة ويسر، كلُّ ذلكَ يدخل ضمن تصنيف المباني المُيسَّرة إن تَعامل المُستخدم معها بإدراك سليم وواعٍ.

من الأمثلة الجميلة لهذا النَّوع من المباني:

برج هيليوتروب  Heliotrope Tour

thumbs.php thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
البيوت الذكية sMART hOUSE

صمَّمهُ المهندس المعماري الألماني Rolf Dischيعتمدُ المبنى على مفهوم «البيت الشجرة الشمس» وهو: البيت الذي يرتكز على قاعدة مُتحرِّكة يدورُ في ساعاتِ اليوم المُختلفة ليواجه الشَّمس أيَّام الشِّتاء أو يُعاكسها أيّام الصَّيف بحسب احتياج السَّاكن.

Heliotrop Offenburg thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
مبنى Heliotrop في الليل

فكرة المبنى مستوحاة من زهرة الهيليوتروب التي تدور أوراقها باتّجاه الشَّمس.

heliotrope thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
زهرة الهيليوتروب

هذا ما يفعله مبنى الهيليوتروب حيثُ يُعدُّ أول منزل دوَّار في العالم استفاد من التكنولوجيا البيئيّة. على سطحهِ منصَّة أو وحدات أو ألواح شمسيّة كبيرة تُدار (بالكمبيوتر)، تُستخدم في جمع الحرارة الشَّمسيّة من أجلِ إنتاج القوّة (الطّاقة) ولتسخين المياه وتدفئتها؛ ما يعني استهلاكًا أقلّ للكهرباء.

thumbs.php1 thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
مبنى Heliotrop

استُخدم في بنائهِ الوحدات الجاهزة، ومن وجهةِ نظرٍ صديقة للبيئة، يُعدُّ الخشبُ أهمّ مادّة بناء في هذا البيت الشَّمسي. المنزل عبارة عن: بناء أسطواني بارتفاع (14م)، لهُ جانب واحد من الزَّجاج مُجزَّأ إلى ثلاثِة مستويات للاستفادة من الضَّوءِ والحرارة. والجانب الآخر معزول حراريًّا للحفاظ على البرودة في أوقاتِ الصَّيف. يوجد فيه منظومة لتصفية مياه الأمطار تلقائيًّا وجمعها ومن ثُمَّ إعادة استخدامها، ويُمكنه التّخلص من المواد الكيميائيّة الّتي تضرُّ البيئة ليدمجها في دورة المياه الطّبيعيّة، وتُصفّى مياه الصَّرف الصِّحي في برك متتالية في فناء المنزل الأمامي، ولمزيد من التَّفاعلِ مع البيئة، هناكَ حديقة سطح وشرفة حلزونيّة خارجيّة تلتف حول هيكل المبنى.

thumbs.php2 thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
الشرفة والألواح الشّمسيّة

ميزات كثيرة في هذا المبنى الفريد، وحتَّى الآن لم يستفد وطننا العربي من الشَّمسِ في إنتاجِ القوّة اللّازمة لإدارة منازلنا. الشَّمسُ الّتي ننفردُ بامتلاكها، وتنفردُ بحرقنا!

Innenaufnahme 2 thumb - البيوت الذكية sMART hOUSE
برج هيليوتروب من الداخل- منظر بانورامي

 

# البيوت الذكية sMART hOUSE بواسطة: محمود قحطان،

محمود قحطان

مدقق لغوي، وشاعرُ فُصحى، ومُهندسٌ مِعماريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

‫6 تعليقات

  1. انا كنت شاهدت برنامج يتكلم عن مشروع لبيوت أكثر تقدما قائمة على الحاجة، بحيث يمكن، أن تضيف غرفا دون أن تبني أي شيء، هي مثل ألعاب الأطفال التي يصنعون بها البيوت وما إلى ذلك، نفس الفكرة، ولكنها مطورة، والمشروع كان لعالم إسمه حايك فريسكو، وهو مشهور جدا في أمريكا بمشروع أمريكانا على ما أتذكر. ولديه تصور للعالم الحديث وكيف ستصبح الحياة هندسيا، وقد صمم منازل عديدة وطائرات، وكل شيء له علاقة بالحياة في المستقبل.

    1. @ منال،

      نظرًا لأنَّ تخصُّصكِ مُميَّز وشامل.
      أعتقد نعم.
      ثمّ م. منال، المفروض أن تُخبرينا أنتِ ما الذي يستطيع تخصُّصكِ فعله، فأنتِ أكثر منَّا درايةً بمجالكِ وإمكانياتهِ. أليس كذلك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!