برج المملكة
بعد ستة أشهر من بداية تنفيذ برج الفيصلية في أيلول/ سبتمبر عام 1997م، برز برج المملكة، إنَّها فكرة أمير آخر هو رجل الأعمال الملياردير الأمير/ الوليدُ بن طلال، حيثُ كان ترتيبه عام 98م ثاني أغنى رجلٍ في العالم بعد بيل غيتس، الوليدُ هو واحدٌ من أحفادِ الملكِ الراحل/ عبدالعزيز، وهو قريبٌ بعيدٌ للأمير/ بندر، تقدَّرُ ثروتهُ حوالي 13 بليون باوند، أكثرَ مما يلزم لتغطية مصاريف بناءُ برجُ المملكة البالغة 300 وعشرة ملايين باوند. البرجُ هو القاعدة التي سيُدير الأمير أعمالهُ من خلالها.
برجُ المملكة منافسٌ مُباشرٌ للفيصلية، وسيكون فيه أيضًا مركزٌ تجاريٌ مُنافس، وقاعةٌ عملاقةٌ للأفراح، وفندقٌ فخمٌ في وسطِ المشروع. أمَّا شكلهُ سيكون بيضاويًا، وسوف يُغطَّى بقوسٍ حديديةٍ كاملةٍ ومقاومةٍ للجاذبية، بالإضافةِ إلى جسرٍ طائر.
قام بتصميم البرج المعماري سكوت بيري. حيث راعى رغبة الوليد بأن يمتلك صرحًا عالميًا يكون رمزًا للرياض وللمملكة، فتمَّ مُناقشة عشرات الأفكار لانتقاء الأفضل منها.
تقعُ القنطرة الحديدية العملاقة فوق البناء الأساسي وسوف يتم وصلها بواسطة ستين مترًا من الجسرِ الهوائي. يصلُ النَّاس إلى ذلكَ الجسر بواسطة مصعد وبمجرَّد الخروج سوف ترى الرياض من على ارتفاع 300متر. يُشكلُ الجسر الجزء الأعلى من البرج وبه يكون برجُ المملكة أعلى 33 مترًا من برجِ الفيصلية.
كان عليهم بناءُ سلسلةٍ من المداخل الإلتفافية المنحدرة المؤدية إلى طبقاتٍ متعدِّدةٍ من المركز التجاري، والأمر لم يكن سهلًا، فهذه المنحدرات تأتي على شكلٍ ثلاثي الأبعاد وتنفيذها هندسيًا عمليةٌ صعبةٌ للغاية. وكما كان مع الفيصلية، كان للثقافة الإسلامية مطالبُ هندسية، حيثُ صمِّمت هذه المنحدرات للفصل بين الجنسين، فسوف تشغل النساء طبقةً كاملةً من المركز التجاري حيثُ يمكنهنَّ التسوق وهنَّ مكشوفات الرؤوس، ومن غير المسموح لهنَّ قيادةُ السيارات، لهذا يتم توصيلهنَّ إلى المركز التجاري عن طريق المنحدر الذي صمِّمَ خصِّيصًا لهذا الغرض، والذي يؤمِّنُ للنساءِ الانفصال عن الرجال.
كان في انحناءِ المنحدراتِ تحدٍ في جعلِ بناءِ الباطون صحيحًا، وعملية الصب كانت تحدثُ ليلًا، لأنَّ الحرارةَ العاليةَ في النَّهار تهدِّدُ بإضعافِ الباطون عندما يكون في مرحلةِ الشك. وبالرغم من ذلكَ كان يجب خلط الباطون بالثلج وذلكَ لإبقاء حرارتهِ ما دون الثلاثين درجةً مئوية.
كلُّ المواد التي تُضافُ إلى خلطةِ الباطون توضعُ في مستوعباتٍ باردة وبعد ذلكَ يكون الماء هو المادةَ الحيويةَ التي تُضافُ لاحقًا، ولكي تُخفَّضُ درجةَ حرارةَ المياه يتمُّ إضافةَ الثلج المطحون وسكبها في مزيجِ الباطون ثمَّ يُعادُ خلطهُ في الموقع، تؤدي هذهِ العملية إلى تدني درجة حرارة كلِّ المواد إلى خمسٍ وعشرين درجة.
كان البناء بالباطون المسلح في الستينيات ثورةً أعلنت بداية الجيل الثاني من ناطحات السحاب –حيثُ كان الجيل الأول هو ناطحات السحاب الحديدية-، فتوافرُ هذه المادة بسهولة، كان يعني إمكانية بناء الأبراج خارج البلاد الغربية، لكنَّ مباني الباطون المسلح الشاهقة تطلَّبت مهندسين إنشائيين لتوفير حلولٍ جديدة لمشاكلَ قديمة. أهمُّ هذه الحلول، هو كيفية جعلها تُقاومُ عدو ناطحات السحاب الأول، الرياح. ويُمكن قراءة ما تمَّ ذكرهُ حول الرياح في برج الفيصلية. أثبتَ الجيل الأول من ناطحات السحاب الحديدية أنَّها ثقيلة جدًا وثابتة، حركتها عند هبوب الرياح أقلُّ من خلفياتها الإسمنتية. أصبحت القوة الإنشائية بالنسبة إلى هذه الأبراج دقيقةً جدًا مما أوجب ابتكار أسلوب بناء جديد كليًّا، حيثُ سيكون الأسمنت الصلب هو ما ستبنى به الطبقات في البرج.
قنطرة برجُ المملكة واحدةٌ من أصعبِ أعمالِ البناءِ في العالم، فالحصول على جسرٍ معلَّق بطول 60م وعلى ارتفاع 300م، لا يعتبر شيئًا سهلًا. عمليةُ ثني الحديد على شكل قنطرةٍ لإدخاله في الباطون لاحقًا، أمرٌ في غايةِ الدقة، يجبُ أن يوصل 3500طن من الحديد المُتشابكِ ببعضهِ على ارتفاع 250م.
حتَّى لحظة تسجيل هذا الفيلم الوثائقي، لم تكن أعمال برج المملكة انتهت، ولكنَّنا نعلمُ جيدًا أنَّ البرج تمَّ الانتهاء من بنائه ليصبحَ رمزًا آخرَ يُضاف إلى العاصمة الرياض بجانبِ أخيه برجُ الفيصلية.
أخيرًا، شكرًا لكلِّ من تابعني.
شكرا لك مهندس محمود على الموضوع، برأيي الخاص أن برج الفيصلية أجمل من فتاحة العلب “برج المملكة”. للأسف أُلغي مشروع برج الفيصلية 2 والذي كان سيصمم من قبل الشركة العريقة Foster + Partners بسبب مدينة الملك عبدالله المالية
@ أحمد،
مُصمّم برج الفيصليّة أحد أهم رموز العِمارة الحديثة وخسارة كبيرة أن لا نرى برج الفيصليّة اثنين.
شكرًا اخ محمود معلومات حلو عن واحد م اهم معالم المملكه العربيه السعوديه. جزاك الله خير
@ سام،
نعم، هو كذلك.
شُكرًا لمتابعتك.
ماشاء الله علي المعلومات المستقاة من فيضكم الدافق دوما ارجو ان نجد منكم المزيد ولكم الشكر الجزيل
@ هشام الماحي،
تحيَّاتي لك أخي هشام، سعيدٌ بك.
شكرا على هذا الموضوع أفدتنا جزاك الله خيرا
@ Sekou Mamadou،
شُكرًا لقراءتك الموضوع.
رائع يا مهندس محمود دائما مواضيعك مميزه ….. لقد استفدت كثيرا من الموضوع ……… و لكن لدي ملاحظه واحده .. هو ان الموضوع قصير قليلا و لم يكن بقوه موضوع برج الفيصليه واتمنى ان تعطينا معلومات عن التصميم وتفاصيله انستفيد اكثر
– المهندس/ بشير الكينعي،
نعم الموضوع قصير، وقد ذكرتُ أنَّهُ ساعة تسجيل هذا الفيلم لم تكن أعمال البناء في البرج منتهية، ولأنَّني أعتمد على وضع المعلومة الوثائقية اكتفيتُ بهذا القدر الذي تمَّ تصويره من خلال الفيلم.
الحقيقة، فكرةُ التصميم واحدةٌ، تقريبًا، أقصدُ متطلباتِ البناء، من بيئة وثقافة محلية..إلخ،
وهو موضوع يُمكن اعتبارهُ مُكملًا لبرج الفيصلية..
الغرض هو معرفة بعض المعلومات عن تاريخ كلٍّ منهما.. والمشاكل التي واجهوها والحلول التي قدَّموها..
ربَّما في القريب الآتي، يتم عمل فيلم وثائقي خاص حول برج المملكة..
مع اعتقادي بعدم احتياجنا لهذا الأمر، لأنَّهُ حتَّى ذلكَ الوقت، ستكون أبراجًا أخرى قد أخذت مكانتها في المملكة العربية السعودية، ممَّا سيطغى على برجي الفيصليةِ والمملكة،
ولكنَّهما سيبقيان رمزين مهمَّين في العاصمةِ الرياض.
شكرًا لكَ، ولاهتمامكَ.
ممكن تضع لنا فكرة بسيطة عن مباني الجيل الأول؟
– مريم..
طيب علِّقي على هذا الموضوع، ولو حتَّى بكلمة شكر..
لا تقلقي..
سأحضِّرُ موضوعًا لناطحاتِ الجيل الأول
لذا كوني بالقربِ دائمًا.