مقالات في العمارة والأدب والحياة

النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة – دراسة شاملة

المقدمة

النوم ظاهرة بيولوجية أساسية يُؤدّي دورًا حيويًّا في صحّة الإنسان ورفاهيّته. يقضي الإنسان ما يقارب ثلث حياته نائمًا؛ ما يُشير إلى أهميّة هذه العملية (الفسيولوجية) المُعقّدة. في هذا المقال، سنتعمّقُ في دراسة تأثير النّوم في الذّاكرةِ والصّحّةِ العامّة، مستكشفين آليّات النّوم المُختلفة، وفوائده المُتعدّدة، والمخاطر المُرتبطة بقلّته. سنناقشُ التّغيّرات (العضوية) والنّفسيّة النّاجمة عن الحِرمانِ منَ النّوم، ونستعرضُ أهميّة النّوم في الظّلام الدّامس، ودور الحُصَين في تخزين الذّاكرة. وسنتطرّقُ إلى عملية تنقية الجسم في أثناء النّوم، وتأثير الضّوء الأزرق في جودةِ النّوم، مُقدّمين في نهايةِ الأمرِ نصائح عمليّة لتحسين نوعيّة النّوم.

أخطار قلّة النوم في الصَّحَّةِ الجسديَّةِ والنَّفسيَّةِ

1 - النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة - دراسة شاملة

يُعَدُّ الحرمان من النّوم خطرًا كبيرًا على الصّحّة الجسديّة والنّفسيّة، ويُمكن أن يُؤدّي إلى عواقب وخيمة على المدَى القصير والطّويل. فيما يأتي أهم المخاطر المُرتبطة بقلّة النّوم:

مقالات ذات صلة

التغيرات العضويّة الناجمة عن الحرمان من النوم

الحرمان من النوم يؤدي إلى تغيرات عضويّة عميقة في الجسم، تشمل:

  • ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول (هرمون يُنتجه الجسم استجابةً للتّوتّر، وله دورٌ في تنظيمِ دورة النّوم واليقظة، ومستويات السّكّر في الدّم، وضغط الدّم): يزداد إفراز هذا الهرمون معَ قلّة النّوم؛ ما يُسبّب التّوتر ويمنع النّوم، مشكلًا حلقة مفرغة منَ الأرق.
  • زيادة لزوجة الدّم: تزيد قلّة النوم من لزوجة الدّم؛ ما قد يُؤدّي إلى انسداد في الأوعيّةِ الدّمويّةِ الدّقيقةِ في الدّماغ، مسبّبًا تدهورًا في وظائف الدّماغ.
  • تراكم السّموم في الجسم: النّوم ضروريٌّ لتنظيفِ الجسم منَ السَموم والفضلات. عدم كفاية النّوم يمنعُ هذه العملية الحيويّة؛ ما يُؤدّي إلى تراكم الموادّ الضّارة في الجسم.
  • تآكل خلايا الدّماغ (الوحدة الأساسية للدّماغ، وتُسمّى «العصبونات» أيضًا): أظهرت دراسات أنّ الحرمان الشّديد من النوم قد يؤدي إلى أن يبدأ الدّماغ في «أكل نفسه»؛ إذ تبدأ الخلايا الدّماغيّة بالتهام نقاط الاشتباك العصبيّ (الفراغات الصّغيرة بين الخلايا العصبيّة، الّتي تُنقل بوساطتها الإشارات العصبيّة).
  • اضطراب في إنتاج مادة المَيَالين Myelin (مادة تُغلّف الخلايا العصبيّة، وتُساعد على زيادة سرعة نقل الإشارات العصبيّة): النّوم الكافي ضروري لإنتاج مادّة المَيَالين Myelin الّتي تُغلّف الخلايا العصبيّة وتحميها. نقص النوم يعوق هذه العملية؛ ما يُضعف الاتّصالات العصبيّة.
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض القلبِ والأوعية الدّمويّة: ترتبط قلّة النوم بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسّكتات الدّماغيّة. يرفعُ الحرمان من النّوم ضغطَ الدّم، ويزيد مُستويات الكورتيزول؛ ما يضع ضغطًا إضافيًّا على القلب.
  • ضعف الجهاز المناعيّ (نظام دفاع الجسم لمكافحةِ الأمراض والعَدوى): يُؤدي الحرمان من النّوم إلى إضعاف جهاز المناعة؛ ما يجعلُ الجسمَ أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والعدوى. أظهرتِ الدّراساتُ أنّ الأشخاصَ الّذين ينامون أقلّ من (7) ساعات يوميًّا هم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البردِ والأنفلونزا.
  • زيادة خطر الإصابة بالسّمنة والسّكري: يُؤثّر نقص النّوم في هرمونات الجوع والشّبع (هرمون «الليبتين» هرمون الشبع، وهرمون «الغريلين» هرمون الجوع)؛ ما قد يُؤدّي إلى زيادة الشّهيّة؛ ومن ثَمَّ زيادة الوزن. إضافةً إلى أنّه يُؤثّر في حساسيّة الأنسولين (قدرة خلايا الجسم على الاستجابة لهرمون الأنسولين واستخدام السّكّر من الدّم) والقدرة على إنتاجهِ بفعاليّة؛ ما يُؤثّر في دخول السّكر إلى خلايا الدّماغ، والأنسجة الأخرى، ويزيد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثّاني.
  • تأثير سلبي في الخصوبة: قد يُؤثر الحرمان من النّوم سلبًا في إنتاج الهرمونات الجنسيّة (هرمون التّستوستيرون لدى الرّجال، وهرمون الإستروجين لدى النّساء)؛ ما قد يُؤدّي إلى مشكلاتٍ في الخصوبةِ لدى الرّجال والنّساء.
  • زيادة خطر الحوادث: يزيد نقص النّوم من خطر الحوادث، خاصّةً في أثناء القيادة أو تشغيل الآلات الثّقيلة. التّعب النّاتج عن قلّة النّوم يُمكن أن يكون خطيرًا، مثل: القيادة تحت تأثير الكحول.
  • تسريع الشّيخوخة: يُمكن للحرمان المُزمن من النّوم أن يُسرِّعَ الشيّخوخة؛ إذ يُؤثّر في إنتاج «الكولاجين» (بروتين يُساعد على الحفاظ على مرونة الجلد وقوّة العظام)، وإصلاح الخلايا.
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد: أظهرت دراسات حديثة أنّ الحرمان من النّوم قد يزيد خطر الإصابة بمرض الكبد الدّهنيّ غير الكحوليّ، الّذي يُمكن أن يتطوّر إلى مشكلاتٍ صحيّةٍ خطيرةٍ إذا لم يُعالج.

هذه التّغيرات العضويّة تُؤكّد أهميّة النّوم الكافي، والمنتظم؛ للحفاظِ على صحّةِ الجسم والدّماغ. يُمكن أن يُؤدّي الاستمرار في الحرمان من النّوم إلى عواقب صحيّة خطيرة على المَدى الطويل، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بأمراضٍ مزمنةٍ، وتدهور الوظائف المعرفيّة.

التّأثيرات النّفسيّة لقلّة النوم

يُؤدّي عدم كفاية النوم إلى آثارٍ نفسيّةٍ عميقةٍ على الفردِ، تشملُ:

  • زيادة التّوتّر والقلق: ترفع قلّة النّوم مستويات هرمون الكورتيزول؛ ما يزيد الشّعور بالتّوتّر والقلق زيادةً ملحوظة.
  • تقلّبات المزاج: يُصبح الشّخص أكثر عرضة للتّقلّباتِ المزاجيّةِ الحادّة، معَ سرعةِ الانفعالِ، وصعوبة التّحكّم في العواطف.
  • ضعف القدرة على التّركيز: يُعاني الأشخاص المحرومون منَ النّوم من صعوبةٍ في التّركيز، وتشتّت الانتباه بسهولة.
  • زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق: هناك علاقة وثيقة بين اضطرابات النوم والاضطرابات النفسية. الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أعراض الاكتئاب والقلق، كما أنه يزيد خطر الإصابة بهذه الاضطرابات.
  • تدهور الوظائف المعرفيّة: يُؤثّر نقص النّوم سلبًا في القدراتِ العقليّةِ، بما في ذلك التّركيز، والذّاكرة، واتخاذ القرارات. قد يُؤدّي الحرمان الشّديد من النّوم إلى هلوساتٍ وتشوّشٍ ذهنيّ، فقد يبدأ الشّخص في رؤيةِ أو سماع أشياء غير موجودة في الواقع.
  • ضعف الذّاكرة العاطفيّة: يُؤثّر نقص النوم في قُدرة الدّماغ على معالجة الذكريات العاطفية وتخزينها بوجهٍ صحيحٍ.
  • زيادة الحساسيّة للألم: يُصبح الأشخاص المحرومون من النّوم أكثر حساسيّة للألم الجسديّ.
  • ضعف القدرة على اتّخاذ القرارات: يتأثّر الحكم والقدرة على اتّخاذ قرارات سليمةٍ تأثّرًا سلبيًّا مع قلّة النّوم.
  • زيادة السّلوك الاندفاعيّ: قد يميلُ الأشخاصُ إلى اتّخاذِ قرارات متهوّرةٍ، أو فعل سلوكيّات غير مدروسةٍ.
  • الشّعور بالوحدة: أظهرت الدّراسات أنّ الحرمان من النوم يُمكن أن يزيد الشّعور بالوحدةِ والعزلة الاجتماعيّة.

تّؤكّد هذه الآثار النّفسية أهمية النّوم الكافي ليس للصحة الجسديّة فحسب، ولكن للصّحّةِ النّفسيّة والعاطفيّة أيضًا. يساعدُ الحفاظ على نمط نومٍ صحيٍّ ومنتظمٍ على الحفاظِ على التّوازنِ النّفسيّ والعاطفي، ويُحسّن القدرة على التّعاملِ مع ضغوطِ الحياةِ اليوميّةِ.

نظرًا لهذه المخاطر الجسيمة، من الضّروري الاهتمام بجودة النّوم وكميته. يُنصح بالحصول على (7-9) ساعات من النّوم يوميًّا للبالغين، مع الحفاظِ على جدولِ نومٍ منتظمٍ، وبيئة نوم مريحة؛ لضمان الصّحّة الجسديّة والنّفسيّة على المدَى الّطويل.

بيئة النّوم المثاليّة

DALL·E 2024 08 26 06.56.10 A calming bedroom environment designed to illustrate the importance of darkness for sleep. The room is depicted with deep soothing colors and feat - النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة - دراسة شاملة
بيئة النّوم المثاليّة

أهميّة الظّلام للنّوم

النوم في الظّلام الدّامس ضروريٌّ لتعزيز الصّحّة العامّة وتحسين جودة النّوم. فيما يأتي أهمّ الفوائد والآثار الإيجابيّة للنوم في بيئةٍ مُظلمةٍ تمامًا:

  1. إفراز هرمون الميلاتونين (هرمون يُنظّم دورة النّوم واليقظة): يُحفّزُ الظّلام الدّامس إفراز هرمون الميلاتونين، المعروف أيضًا باسم «هرمون النّوم». يُؤدّي هذا الهرمون دورًا أساسيًّا في تنظيم دورة النّوم واليقظة؛ ما يُساعد على الاستغراق في النّومِ بسهولةٍ، والحفاظ على نومٍ عميقٍ ومريحٍ.
  2. الوقاية من الأمراض الخبيثة: أظهرتِ الدّراساتُ أنّ النّوم في الظّلامِ يُسهم في الوقايةِ من بعضِ الأمراض الخبيثةِ. فقد وجد باحثون من جامعة أريزونا الأمريكيّة أن هرمون الميلاتونين، الّذي يُفرَزُ بكميّاتٍ أكبر في الظّلام، يُؤدّي دورًا وقائيًّا لمُكافحة أمراض، مثل: سرطان الثّدي، والبروستات.
  3. تحسين نشاط جهاز المناعة: يُعَزّز النّوم في الظّلام الدّامس نشاط جهاز المناعة على نحوٍ كبيرٍ. يُساعدُ الظّلام على إفراز هرمونات تُقوّي الجهاز المناعيّ؛ ما يجعل الجسم أكثر قدرة على مُكافحة الأمراضِ والعَدوى.
  4. تقليل خطر الإصابة بالسّمنةِ وارتفاع ضغط الدّم والسّكريّ: كشفت دراسةٌ حديثةٌ أنّ الأشخاص الّذين ينامونَ في غرفٍ مظلمةٍ تمامًا هم أقلّ عرضة للإصابة بالسّمنةِ، وارتفاع ضغط الدّم، والسّكريّ، مقابلةً بأولئك الّذين يتعرّضون للضّوء في أثناء النوم.
  5. تحسين جودة النّوم: يساعدُ الظّلام الدّامس على تحسين جودة النّوم بوجهٍ عام. فهو يُسهّلُ الدّخول في مراحل النّوم العميق، وحركة العين السّريعة Rapid Eye Movement – REM (مرحلة من النّوم تتميّز بحركات العينِ السّريعة، وهي مُهمّة للأحلام والذّاكرة)، وهي مراحل ضروريّة للرّاحة الجسديّة والعقليّة.
  6. تنظيم السّاعة البيولوجيّة: يساعدُ النّوم في الظّلام على تنظيم ساعة الجسم البيولوجيّة (نظام داخلي في الجسم يُنظّم دورات النّوم واليقظة). يُرسل الظّلام إشارةً قويّةً للدّماغِ بأنَ الوقتَ قد حان للنّوم؛ ما يُساعدُ على الحفاظِ على إيقاعٍ يوميٍّ مُنتظمٍ.
  7. الحماية من الاضطرابات الهرمونيّة: يمكن أن يُؤدّي التّعرّض للضّوءِ في أثناء النوم إلى اضطراباتٍ في إفراز الهرمونات. يحمي النّوم في الظّلام الدّامس من هذه الاضطرابات، ويُحافظُ على التّوازنِ الهرمونيّ الطّبيعيّ.
  8. تحسين الصّحة القلبيّة الوعائيّة: أظهرتِ الدّراساتُ أنّ النّوم في الظّلام يُسهم في تحسين صحّة القلبِ، والأوعية الدّمويّة؛ فهو يُساعد على تنظيم مُعدّل ضربات القلب ومقاومة الأنسولين؛ ما يُقلّل من خطر الإصابة بأمراضِ القلبِ.

لتحقيق أقصى استفادة من النّوم في الظّلام، يُنصح بإزالة جميع مصادر الضّوء من غرفةِ النّوم، بما في ذلك الأجهزة الإلكترونيّة والإضاءة الخارجيّة. يُمكن استخدام السّتائر المُعتمة أو أقنعة العين للحصولِ على بيئةٍ مظلمةٍ تمامًا. هذه الممارسات اليسيرة يُمكن أن تُحدِثَ فرقًا كبيرًا في جودة النّوم، والصّحّة العامّة على المدَى الطّويل.

تأثير الضّوء الأزرق في جودةِ النّوم

يُعَدُّ تأثير الضّوء الأزرق (نوع من الضّوء المُنبعث منَ الشّاشاتِ الإلكترونيّة الّذي قد يُؤثّر في النّوم) في جودة النّوم موضوعًا مثيرًا للجدلِ في الأوساطِ العلميّةِ؛ إذ تتباين الآراء حول مَدى تأثيره الفعليّ. فيما يأتي نظرة شاملة على هذا الموضوع:

  • تأثير الضّوء الأزرق في إفراز الميلاتونين: يعتقد عددٌ من الخبراء أنّ التّعرّض للضّوء الأزرقِ، خاصّةً في المساء، يُمكن أن يُثبّط إفراز هرمون الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم دورة النّوم واليقظة. قد يُؤدّي هذا التّأثير إلى صعوبةٍ في النّومِ، وتأخيرٍ في الشّعور بالنّعاس.
  • اضطراب السّاعة البيولوجيّة: يُمكن للضّوء الأزرق أن يُؤثّر في السّاعةِ البيولوجيّة للجسم؛ ما قد يُؤدّي إلى اضطرابات في نمطِ النّوم. التّعرّض للضّوء الأزرق في اللّيل قد يُرسل إشارات خاطئة للدّماغ بأنّه لا يزال وقت النّشاط.
  • تأثيرات عضوية سلبيّة: أظهرت دراسة يابانيّة أنّ التّعرّض للضّوءِ الأزرق في أثناء النّوم يُمكن أن يحدث تغيرات عضوية سلبيّة، بما في ذلك التّأثير في استقلاب الطّاقة في الجسمِ.
  • نتائج مُتباينة: معَ الاعتقاد السائد بتأثير الضّوء الأزرق السّلبيّ؛ إلّا أنّ بعض الدّراسات الحديثة تُشكّك في هذا الافتراض. فقد خلصت دراسة أجرتها جامعة مانشستر إلى أنّ الضّوء الأزرق قد لا يكون له تأثير سلبي كبير في النّوم كما كان يُعتقد سابقًا.
  • أهمية السّطوع: تُشير بعض الأبحاث إلى أنّ سطوع الضّوء قد يكون أكثر أهميّة من لونهِ في التّأثير في النّوم. فالضّوء السّاطع، بغضّ النّظرِ عن لونهِ، يُمكن أن يكون له تأثيرٌ مماثلٌ للضّوءِ الأزرق في النّوم.
  • تأثير الوضع اللّيليّ: مع شيوع استخدام خاصيّة «الوضع اللّيلي» في الأجهزةِ الإلكترونيّة لتقليل الضّوء الأزرق؛ إلّا أنّ فعاليّتها لا تزال محلّ نقاش. بعضُ الدّراساتِ تُشيرُ إلى أنّ هذه الخاصيّة قد لا تكون فعّالة كما كان يُعتقد سابقًا.
  • الحاجة إلى مزيدٍ من البحثِ: نظرًا لتباين النّتائج، هناك حاجة إلى مزيدٍ منَ الدّراساتِ لفَهم التّأثير الدّقيق للضّوء الأزرق في النّوم على نحوٍ أفضل.

للتّقليل من الآثار المُحتملة للضّوء الأزرق في النّوم، يُنصح بتقليل استخدام الأجهزة الإلكترونيّة قبل النّوم، وتهيئة بيئة نوم مظلمةٍ قدر الإمكان. يُمكن استخدام فلاتر الضّوء الأزرق في الأجهزة الإلكترونيّة أيضًا، معَ الأخذ في الاعتبار أنّ فعاليّتها قد تكون محدودة.

في نهايةِ المطافِ، يبدو أنّ التّأثير الفعليّ للضّوء الأزرقِ في جودةِ النّوم قد يكون أقلّ حدّة ممّا كان يُعتقد سابقًا؛ ولكن الحذر في استخدام الأجهزة الإلكترونيّة قبل النّوم يظلّ نصيحةً جيّدةً لضمانِ نومٍ أفضل.

آليّات النّوم الدَّاخليَّة وتأثيره في الدّماغِ والذّاكرة

DALL·E 2024 08 26 06.58.24 An artistic representation of the brain during sleep highlighting the internal mechanisms of sleep and its impact on memory. The image shows a bra - النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة - دراسة شاملة

تأثير النّوم في الذّاكرة

يُؤدّي النوم دورًا حيويًّا في الذّاكرة والتّعلم. فيما يأتي أهم تأثيرات النّوم في الذّاكرة:

  • تثبيت المعلومات: في أثناء النّوم، ينقلُ الدّماغ المعلومات منَ الذّاكرةِ قصيرة المَدى (الذّاكرة الّتي نستخدمها لتذكّر رقم هاتف لوقت وجيزٍ قبل تدوينه) إلى الذّاكرةِ طويلة المَدى (الذاكرة التي نستخدمها لتذكّر أحداث من الماضي البعيد). تسمّى هذه «الأرشفة Archiving» (إجراء نقل المعلومات من الذّاكرة قصيرة المدَى إلى الذّاكرة طويلة المدَى)، وهي ضروريّة لتخزين المعلومات دائمًا.
  • تقوية الرّوابط العصبيّة: يساعدُ النّوم على تعزيز الوصلات العصبيّة (المسارات الّتي تربطُ بين الخلايا العصبيّة في الدّماغ وتنقل المعلومات)؛ ما يُسهّل استرجاع المعلومات لاحقًا.
  • تنظيف الدّماغ: في أثناء النوم، يجري التّخلّص منَ النّفاياتِ والسّموم المُتراكمة في الدّماغ، بما في ذلك البروتينات السّامة الّتي قد تُؤدّي إلى أمراضِ التّنكّس العصبيّ Neurodegenerative Diseases (أمراض تُؤدّي إلى تلف الخلايا العصبيّة تدريجيًّا، مثل: مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون).
  • إنتاج مادّة المَيَالين Myelin: يزيدُ النوم من إنتاج مادّة المَيَالين الّتي تُغلّف الخلايا العصبيّة؛ ما يُحسّن سرعة نقل المعلومات وحماية الخلايا.
  • تحسين القدرة على التّعلّم: بعد النّوم الكافي، يكون الدّماغ أكثر استعدادًا لاستقبال معلوماتٍ جديدةٍ، وحفظها على نحوٍ أفضل.
  • الحماية من فقدان الذّاكرة: الحرمان من النّوم يُمكن أن يُؤدّي إلى تآكل الدّماغ، وفقدان الذّاكرة فقدًا مُتسارعًا.

آليّة تخزين المعلومات في الدِّماغ ودور الحُصَين

يعتمد الدّماغ على آليّاتٍ مُعقّدةٍ لتخزين المعلومات والذّكريات، وتتضمّن هذه العملية عدّة مراحل وأجزاء مختلفة من الدّماغ:

1. التّشفير الأوليّ للمعلوماتِ:

  • يبدأ تخزين المعلومات عندما تصلُ المُدخلات الحسّيّة إلى الدّماغ من طريقِ الأعضاء الحسيّة المُختلفة.
  • يُترجِمُ الدّماغُ هذه المُحفّزات المادّيّة (كاللّمس أو الصّوت أو الضّوء) إلى إشاراتٍ كهروكيميائيّة.

2. دور الحُصين Hippocampus (جزءٌ منَ الدّماغ يُساعدُ على تكوين ذكريات جديدة وتخزينها):

  • يُعَدّ الحُصين الجزء الرّئيس المسؤول عن تكوين الذّكريّاتِ الجديدةِ.
  • يُرَمِّزُ الذّكريات المُعقّدة، ويربطُ المعلومات من أماكن حسّيّة مختلفة في الدّماغ.
  • يُؤدّي دورًا مُهمًّا في تحويل الذّاكرة قصيرة المَدى إلى ذاكرةٍ طويلةٍ المدَى.

3. التخزين الكيميائي للمعلومات:

  • تُخَزّن المعلومات كمواد كيميائيّةٍ في الدّماغ، وتحديدًا في نقاط الاتّصال بين الخلايا العصبيّة (التّشابكات العصبيّة).
  • تنشأ روابط جديدة بين الخلايا العصبيّة لتمثيل المعلومات المُخزّنة.

4. دور النّواقل العصبيّة:

  • يُؤدّي الدّوبامين (مادّة كيميائيّة في الدّماغ تُؤثّر في المزاج والذّاكرة والحركة) دورًا مهمًّا في التّخزين؛ إذ يساعدُ على نقل المعلومات بين الخلايا العصبيّة، ويُحفّز النّشاط العقليّ.
  • المعلومات الّتي تصلُ تحت تأثير (الدّوبامين) تُخزَّن بسهولةٍ أكبر في الذّاكرة طويلة المدَى.

5. تقوية الرّوابط العصبيّة:

  • مع تَكرار استخدام المعلوماتِ، تتقوّى الرّوابط بين الخلايا العصبيّة؛ ما يجعلُ استرجاع المعلومات أسهل.
  • هذا الإجراء يُعرف باسم «التّشكيل العصبيّ» (تكوين روابط جديدة بين الخلايا العصبيّة في الدّماغ)، وهي أساسيّة للتّعلّم والذّاكرة.

6. التّخزين طويل المدى:

  • بعد مُعالجة المعلومات في الحُصَين، تنتقلُ إلى أماكنَ أُخرى في الدّماغ للتّخزين طويل المدَى، مثل: القشرة الدّماغيّة.
  • تتوزّع الذّكريات على مساحاتٍ مختلفةٍ منَ الدّماغ بحسب نوعها (بصريّة، وسمعيّة، وحركيّة، إلخ).

7. الاسترجاع:

  • عند مُحاولة استرجاع معلومة، تُنَشّطُ الرّوابط العصبيّة المُرتبطة بها.
  • تتدفّق المعلومات من القشرةِ الدّماغيّةِ (الطّبقة الخارجيّة للدّماغ، وتُؤدّي دورًا مُهمًّا في الذّاكرة واللّغة والتّفكير) إلى الحُصين، وبالعكس، في أثناء الاسترجاع.

8. دور النّوم في تثبيت الذّاكرة:

  • يُؤدّي النّوم دورًا حيويًّا في تثبيت المعلوماتِ وتحويلها منَ الذّاكرة قصيرة المدَى إلى الذّاكرة طويلة المدَى.
  • في أثناء النّوم، يُعيدُ الدّماغ تنظيم الروابط العصبية المرتبطة بالمعلومات الجديدة وتقويتها.

تعتمدُ كفاءة تخزين المعلومات على عدّة عوامل، منها: جودة النّوم، ومستويات التّوتّر، والتّغذية السّليمة للدّماغ. إضافةً إلى أنّ التّكرار والممارسة يُساعدان على تقوية الرّوابط العصبيّة، وتحسين القدرةِ على استرجاعِ المعلومات.

دور الحُصين في تخزين الذاكرة

يُؤدّي الحُصين دورًا مُهمًّا في تكوين الذّكريات الجديدة وتنظيمها وتكوينها. فيما يأتي الجوانب الرّئيسة لوظيفته في تخزين الذّاكرة:

  • ترسيخ الذّاكرة: يُعَدّ الحُصين ضروريًا لتحويل الذّكريات قصيرة المدَى إلى ذكريات طويلة المَدى، وهو الإجراء المعروفة بترسيخ الذّاكرة. فهو يساعد على ترسيخ الذّكريات الجديدة بوساطةِ تقوية الرّوابط بين الخلايا العصبيّة الّتي تُعبّر عن الذّاكرة.
  • الذّاكرة المكانيّة: يُعَدُّ الحُصين مهمًّا على نحو خاص للذّاكرةِ المكانيّة والملاحة. فهو يُنشئ خرائط معرفيّة لبيئتنا؛ ما يسمحُ لنا بتذكر المواقع والطّرق. تدعم هذه الوظيفة وجود خلايا مكانيّة في الحُصين، التي تنشطُ عندما يكون الحيوان في مكانٍ مُعيّن.
  • الذّاكرة العرضيّة: يُعد الحُصين أمرًا بالغ الأهميّة للذّاكرة العرضيّة، الّتي تتضمّن تذكّر أحداث وتجارب مُحدّدة. فهو يُساعد على تنظيم الذّكريات بطريقةٍ تسمحُ باسترجاعٍ فعّالٍ للتّجارب الماضية.
  • التّخزين المُؤقّت: يعمل الحُصين كموقع تخزين مؤقّت للذّكريات الجديدة قبل نقلها إلى أجزاء أُخرى منَ الدّماغِ للتّخزين طويل الأمد. يُمكن أن يستغرق النّقل هذا، المعروف باسم «توحيد الأنظمة»، أسابيع أو أشهرًا أو حتّى سنوات.
  • وظيفة الفهرسة: وَفقًا لنظريّة فهرسة الذّاكرة، يُخزّنُ الحُصين فهرسًا أو خريطة لمواقع القشرة الحديثة؛ إذ يجري ترميز الأحداث التجريبيّة في البدايةِ. يسمحُ هذا الفهرس باسترجاع الذّكريات الكاملة من طريق تنشيط المناطق القشريّة الحديثة ذات الصّلة.
  • ذاكرة التّسلسل: الحُصين، مهمٌّ لتذكّر التّرتيب المُتسلسل للأحداث. هذه القدرة أساسيّة للذّاكرة العرضيّة وتميزها عن ذاكرة التّعرّف البسيطة.
  • استكمال النّمط: الحُصين، وخاصّة منطقة CA3، قادر على استكمال النّمط؛ ما يسمحُ بتذكّر الذّكريات بأكملها من الإشارات الجزئيّة. يُعتقد أنّ هذه الوظيفة مدعومة بنظام الضّمانات المتكرّرة الشّامل في منطقة CA3.
  • التّرميز السّريع: يسمحُ التّشريح الفريد للحُصين، بما في ذلك التّرابطات الكثيفة، بالتّكوين السّريع للذّكرياتِ الجديدة. هذا مُهمٌّ بوجهٍ خاصٍّ لتشفير التّجارب الجديدة، والأحداث الّتي تحدثُ لمرّةٍ واحدةٍ.
  • تكوين الخلايا العصبيّة: يُعَدُّ الحُصين أحد الأماكن القليلة في الدّماغ القادرة على توليد خلايا عصبيّة جديدة طَوال الحياة، وهي العملية الّتي تُسمى «تكوين الخلايا العصبيّة». ويُعتقد أنّ هذه القدرة مُرتبطة بدورها في التّعلّم وتكوين الذّاكرة.

منَ المُهمّ مُلاحظة أنّه في حين أنّ الحُصينَ ضروريٌّ لتكوين ذكريات جديدة؛ إلّا أنّهُ ليس موقعًا لتخزينِ الذّاكرة الدّائمة. بمرور الوقتِ، تُصبح الذّكريات أقلّ اعتمادًا على الحُصينِ، وتتوزّع في أماكن قشريّة مُختلفة. يسمحُ هذا بالاحتفاظِ بالذّكرياتِ على المدَى الطّويل حتّى لو عُرِّضَ الحُصَين للتّلفِ لاحقًا.

تنقية الجسم في أثناء النوم

يُنظّف النّوم الجسمَ من السّموم والفضلات، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الصّحّة العامّة. فيما يأتي أهم جوانب دور النوم في تنظيف الجسم:

  1. تنشيط الجهاز اللّيمفاويّ الدّماغيّ: في أثناء النّوم، ينشط الجهاز اللّيمفاوي الدّماغيّ (الجليمفاوي- نظام لتصريف النّفايات والسّوائل منَ الدّماغ)؛ إذ يُزيل النّفايات والسّموم المُتراكمة في الدماغ. يُساعد هذا على التّخلّص من البروتينات الضّارة، مثل: بروتين الأميلويد، الّذي يرتبط تراكمه بمرض ألزهايمر.
  2. تنظيف الدّماغ من السّموم: يعمل الدّماغ في أثناء النوم على التّخلّص من النّفاياتِ السّامة بفعاليّةٍ أكثر مما يحدث في أثناء اليقظة. هذا مُهمُّ للحفاظ على صحّة الدّماغ ووظائفه.
  3. تعزيز وظائف الكبد: يكون الكبد في ذروة مرحلة التّخلّص من السّموم بين الساعة (1) صباحًا و (3) صباحًا. لذلك، من المُهمّ النوم بحلول منتصف اللّيل؛ لتمكين الكبد من أداءِ وظيفته التّطهيريّة بوجهٍ فعّال.
  4. تنشيط وظائف الرّئتين: تُزيلُ الرئتان السموم بشكل أكثر نشاطًا بين الساعة (3) و (5) صباحًا. يساعدُ النّومُ في هذا الوقت على تعزيز هذه الإجراء الحيويّ.
  5. تنظيم مُستويات الهرمونات: يساعدُ النوم الكافي على تنظيم إفراز الهرمونات في الجسم على نحوٍ سليم وصحي؛ ما يُؤثّر إيجابيًّا في تنظيفِ الجسمِ وتجديده.
  6. تعزيز الجهاز المناعيّ: في أثناء النوم، ينشط الجهاز المناعيّ، ويُنتجُ الجسم خلايا تُساعد على مكافحة العدوى والأمراض. يُسهمُ هذا في تنظيف الجسم من الكائنات الدّقيقة الضّارّة.
  7. تحسين تدفّق السّوائل في الدّماغ: يُعزّزُ النّوم الجيّد تدفّق السّوائل في الدّماغ؛ ما يُساعد على إزالة النّفايات والسّموم بفعاليّة. في المُقابل، قد يُؤدّي النّوم المُتقطّع أو السّيئ إلى انخفاضِ تدفّق السّوائل في الدّماغ.
  8. دعم إصلاح الخلايا: في أوقاتِ النّوم العميق، يُصلِحُ الجسم الخلايا ويُجدّدها؛ ما يُساعدُ على التّخلّص من الخلايا التاّلفة والموادّ الضّارّة.

لتحقيق أقصى استفادة من دور النوم في تنظيف الجسم، من المُهمّ الحصول على نومٍ كافٍ ومُنتظمٍ، والالتزام بجدول نوم ثابت قدر الإمكان. إضافةً إلى أنّ تهيئة بيئة نوم مثاليّة، ومظلمة وهادئة، يساعدُ على تعزيزِ جودة النوم؛ ومن ثَمّ تحسين إجراءاتِ التّنظيف الطّبيعيّة للجسم.

نصائح لنوم أفضل

DALL·E 2024 08 26 07.01.37 A visually calming image depicting tips for better sleep. The scene shows a cozy bedroom with a comfortable bed soft lighting and a serene atmosp - النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة - دراسة شاملة
نصائح لنوم أفضل

لتحسين جودة النّوم وضمان الحصول على قسطٍ كافٍ منه، يُمكن اتّباع النّصائح الآتية:

  • الالتزام بجدول نوم مُنتظم: الذّهاب إلى الفراشِ والاستيقاظ في الوقتِ ذاتهِ يوميًّا، حتّى في عطلات نهاية الأسبوع، يُساعد على تنظيم السّاعة البيولوجيّة للجسم.
  • تهيئة بيئة نوم مثاليّة: يجبُ أن تكون غرفة النّوم مُظلمة تمامًا، وهادئة، وذات درجة حرارة مُعتدلة. الظّلام الدّامس ضروريُّ لإفراز هرمون الميلاتونين المَسؤول عن تنظيم دورة النّوم واليَقظة.
  • تجنب الأجهزة الإلكترونيّة قبلَ النّوم: يمكن أن يُعطّل الضّوء الأزرق المُنبعث من الشّاشاتِ إنتاج الميلاتونين. يُنصح بالتّوقّف عن استخدام الأجهزة الإلكترونيّة قبل ساعةٍ -في الأقلّ- من موعدِ النّوم.
  • ممارسة تمارين الاسترخاء: تقنيّات مثل: التّأمّل، والتّنفّس العميق، أو اليوغا؛ يُمكن أن تساعدَ على تهدئةِ العقلِ والجسم استعدادًا للنّوم.
  • تجنّب الوجبات الثّقيلة والكافيين قبل النّوم: يُمكن أن يُعطّلَ النّومَ تناول الطّعام الثّقيل أو المشروبات الّتي تحتوي على الكافيين في وقتٍ متأخّرٍ.
  • مُمارسة الرّياضة بانتظامٍ: يُحسِّنُ النّشاط البدنيّ المُنتظم جودة النّوم؛ ولكن يجب تجنب التّمارين الشّديدة قبل النّوم مباشرة.
  • الاستفادة من نوم القيلولةِ: قيلولة قصيرة (1530 دقيقة) في منتصفِ النّهار يُمكن أن تُجدّد النّشاطَ دون التّأثيرِ في نومِ اللّيل.
  • تجنّب التّفكير في الهمومِ قبل النّوم: مُحاولة تفريغ الأفكار المُقلقة قبل الذّهاب إلى الفراش، ربّما بكتابتها في دفتر.
  • استخدام أذكار النّوم: للمُؤمنين، يُمكن أن تساعدَ الأذكار والأدعية في تهدئة النّفسِ والاستعداد للنوم.
  • تجنّب النّظر إلى السّاعة: إذا استيقظت في اللّيل، تجنّب النّظر إلى السّاعةِ؛ لأنّ ذلك قد يزيد القلقَ، ويُصعّب العودة إلى النّوم.

اتّباع هذه النّصائح، يُمكن أن يساعد على تحسين جودة النّوم وكميّته؛ ما يُعزّز الصّحّة الجسديّة والنّفسيّة، ويُحسّن الأداء المعرفيّ والذّاكرة. منَ المُهمّ تذكّر أنَ تحسين عادات النّومِ قد يستغرقُ بعضَ الوقتِ؛ لذا يجبُ الالتزام بهذهِ المُمارسات باستمرارٍ للحصولِ على أفضل النّتائج.

الخاتمة

في ختام هذه الدّراسة الشّاملة عن النّوم وتأثيره في الذّاكرةِ والصّحّة، يتّضحُ جليًّا الدّور الحيويّ الّذي يُؤدّيه النّوم في حياتنا. باستعراضنا للتّغيرات العضويّة والنّفسيّة المُرتبطة بالنّوم، وفَهمنا لآليّات تخزين الذّاكرة ودور الحُصَين، إلى جانب أهميّة النّوم في الظّلامِ الدّامسِ، وعملية تنقية الجسم، نستنتجُ أنّ النّوم الجيّد هو ركيزةٌ أساسيّةٌ للصّحّةِ الجسديّةِ والعقليّة. إنّ الوعي بتأثير العوامل الخارجيّة، مثل: الضّوء الأزرق في جودة النّومِ، واتّباع النّصائح المُقدّمة لتحسين النّوم، يُمكن أن يسهم إسهامًا كبيرًا في تعزيز صحّتنا ورفاهيّتنا العامّة. في عالمٍ يتّسمُ بالسّرعةِ والضّغوط المُتزايدة، يُصبح الاهتمام بجودة النّوم وكميّته أمرًا ضروريًّا لضمانِ حياةٍ صحيّةٍ ومُتوازنة.

# النوم: آلياته وتأثيراته في الصحة والذاكرة – دراسة شاملة By محمود قحطان، 

بعض المصادر والمراجع الإنجليزيّة للمعلومات والدّراسات المذكورة:

أولًا: أخطار قلة النوم

ارتفاع مستويات الكورتيزول:

Leproult, R., Copinschi, G., Buxton, O., & Van Cauter, E. (1997). Sleep loss results in an elevation of cortisol levels the next evening. Sleep, 20(10), 865-870._

تأكل خلايا الدماغ:

Xie, L., Kang, H., Xu, Q., Chen, M. J., Liao, Y., Thiyagarajan, M., … & Nedergaard, M. (2013). Sleep drives metabolite clearance from the adult brain. Science, 342(6156), 373-377._

زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية:

Cappuccio, F. P., D’Elia, L., Strazzullo, P., & Miller, M. A. (2010). Sleep duration and all-cause mortality: a systematic review and meta-analysis of prospective studies. Sleep, 33(5), 585-592._

ضعف الجهاز المناعي:

Irwin, M. R., Wang, M., Campomayor, C. O., Collado-Hidalgo, A., & Cole, S. (2006). Sleep deprivation and activation of morning levels of cellular and genomic markers of inflammation. Archives of internal medicine, 166(16), 1756-1762._

تأثير النوم على الذاكرة والتعلم:

Walker, M. P., & Stickgold, R. (2006). Sleep, memory, and plasticity. Annual Review of Psychology, 57, 139-166.

تأثير الحرمان من النوم في الصحة:

Medic, G., Wille, M., & Hemels, M. E. (2017). Short- and long-term health consequences of sleep disruption. Nature and Science of Sleep, 9, 151-161.

ثانيًا: أهمية الظلام للنوم:

إفراز هرمون الميلاتونين:

Brainard, G. C., Hanifin, J. P., Greeson, J. M., Byrne, B., Glickman, G., Gerner, E., & Rollag, M. D. (2001). Action spectrum for melatonin regulation in humans: evidence for a novel circadian photoreceptor. The Journal of Neuroscience, 21(16), 6405-6412._

الوقاية من الأمراض الخبيثة:

Reiter, R. J., Tan, D. X., Manchester, L. C., & Qi, W. (2007). Melatonin and reproduction revisited. Biology of reproduction, 76(5), 829-837._

تحسين جودة النوم:

Dijk, D. J., & Czeisler, C. A. (1995). Contribution of the circadian pacemaker and the sleep homeostat to sleep propensity, sleep structure, electroencephalographic slow waves, and sleep spindle activity in humans. The Journal of Neuroscience, 15(5 Pt 1), 3526-3538._

فوائد النوم في الظلام الدامس:

Blask, D. E., et al. (2005). Melatonin-depleted blood from premenopausal women exposed to light at night stimulates growth of human breast cancer xenografts in nude rats. Cancer Research, 65(23), 11174-11184.

الجهاز الليمفاوي الدماغي وتنظيف الدماغ في أثناء النوم:

Xie, L., et al. (2013). Sleep drives metabolite clearance from the adult brain. Science, 342(6156), 373-377.

دور النوم في تنظيم الهرمونات:

Leproult, R., & Van Cauter, E. (2010). Role of sleep and sleep loss in hormonal release and metabolism. Endocrine Development, 17, 11-21.

ثالثًا: آليات النوم الداخلية وتأثير النوم في الذاكرة:

تثبيت المعلومات:

Walker, M. P., & Stickgold, R. (2004). Sleep-dependent learning and memory consolidation. Neuron, 44(1), 121-133._

تنظيف الدماغ:

Jessen, N. A., Munk, A. S. F., Lundgaard, I., & Nedergaard, M. (2015). The glymphatic system: a beginner’s guide. Neurochemical research, 40(12), 2583-2599._

دور الحصين في تخزين الذاكرة:

Squire, L. R. (1992). Memory and the hippocampus: a synthesis from findings with rats, monkeys, and humans. Psychological review, 99(2), 195._

Squire, L. R., & Wixted, J. T. (2011). The cognitive neuroscience of human memory since H.M. Annual Review of Neuroscience, 34, 259-288.

رابعًا: تأثير الضوء الأزرق في جودة النوم:

Chang, A. M., Aeschbach, D., Duffy, J. F., & Czeisler, C. A. (2015). Evening use of light-emitting eReaders negatively affects sleep, circadian timing, and next-morning alertness. Proceedings of the National Academy of Sciences, 112(4), 1232-1237._

Gringras, P., et al. (2015). Bigger, Brighter, Bluer-Better? Current light-emitting devices – adverse sleep properties and preventative strategies. Frontiers in Public Health, 3, 233.

خامسًا: بيئة النوم المثالية:

National Sleep Foundation. (2022). Healthy sleep tips. Retrieved from https://www.sleepfoundation.org/healthy-sleep-tips

محمود قحطان

استشاريٌّ مِعماريٌّ باحثُ دراساتٍ عُليا في التّصميم البيئيّ وكفاءة الطّاقة في المباني. مُدقِّقٌ لُغويٌّ، وشاعرُ فُصحى. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشِرت عنه رسالة ماجستير، ونُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وتُرجِم بعضها. أصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!