بلاغة

علم المعاني: الإيجاز والمساواة والإطناب

الإيجاز والمساواة والإطناب

إنّ التّعبير عن المعاني يكون بواحدةٍ من طرائق ثلاث:

  1. إمّا أن تكون الألفاظ مُساويةً للمعاني، وهذه هي المُساواة.
  2. وإمّا أن تكون الألفاظ ناقصة عن المعاني، وهذا هو الإيجاز. فإن كان لغرضٍ فالمطلوب؛ وإلّا فهو مُخلّ.
  3. وإمّا أن تكون الألفاظ زائدة عن المعاني، وهذا هو الإطناب. فإن كان لغرضٍ فالمطلوب؛ وإلّا فهو حشو.

موضوع مُميّز: الوصل والفصل

الإيجاز:

هو وضع المعاني الكثيرة بالألفاظ الأقل، مع الإبانة والإفصاح.

مقالات ذات صلة

فوائده:

تسهيل الحفظ، وتقريب الفهم، وضيق المقام، والإخفاء، وتجنّب الملل.

ولا بدّ من دليلٍ عقليٍّ على وقوعه، نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، أي: أهل القريّة.

أو دليل تعيين المحذوف، نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}، أي: تناولها. وهو نوعان: بإيجازٍ قصيرٍ، وإيجاز حذف.

القصر:

هو ما تزيد فيه المعاني على الألفاظ من غير حذف، نحو: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، «المعدةُ بيتُ الدَّاءِ والحِمْيَةُ رَأْسُ الدَّواء». في المثال الأوّل إشارة إلى فضل شهر رمضان وأهميّته… وفي المثال الثّاني جمع معانٍ طبيّةٍ كثيرة.

الحذف: هو ما تزيد فيه المعاني على الألفاظ مع وجود حذف في شيءٍ من العبارةِ لا يخلّ بالفهم؛ لأنّ القرينة موجودة لفظًا، أو معنىً، وتُفهم من سياق الكلام وإلّا فهو حذف مُخلّ ورديء، والمحذوف هو:

  1. حرفٌ، نحو: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}. أي: استطاعوا.
  2. اسمُ مضاف، نحو: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}. أي: في سبيل الله.
  3. اسمُ مضاف إليه، نحو: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}. أي: بعشر ليالٍ.
  4. اسم موصوف، نحو: {وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا}. أي: عملًا صالحًا.
  5. اسم صفة، نحو: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ}. أي: رجسًا مُضافًا إلى.
  6. شرط، نحو: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}. أي إن تتبعوني.
  7. جواب شرط، نحو: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}. أي: ولو ترى لرأيت أمرًا وبيلًا.
  8. مسند، نحو: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}. أي: خلقهن الله.
  9. متعلق، نحو: {يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}. أي: يُسألون عمّا يفعلون.
  10. جُملة، نحو: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}. أي: أمّة واحدة فاختلفوا…

يُستحسن الإيجاز عند: الشّكوى، والاستعطاف، والاعتذار، والوعد، والوعيد.

المساواة

هي تأدية المعاني بعباراتٍ مُساويةٍ لها، وهي الأصل الّذي يُقاس عليه، وشرطها أن تُساوي المعاني الألفاظ، نحو: الشّمس مُشرقة.

  • {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}.
  • {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}.
  • «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».
  • ستبدي لك الأيام ما كنت جاهله    ويأتيك بالأخبار من لم تزود.

تُلاحظ أنّ الألفاظ في كلٍّ منها قد تساوتْ مع المعاني فلا يزيد اللّفظ عن المعنى المُراد، فإذا زادت أو نقصت اختلّ المعنى.

الإطناب:

هو زيادة الألفاظ على المعاني، لفوائد منها: تثبيت المعنى وتوضيح المراد، والتقرير ودفع الإبهام. إذا غابت الفائدة سُمّي تطويلًا إذا لم تتعيّن الزّيادة وإذا عُيّنت سُمّيت حشوًا.

أنواع الإطناب، هي:

  1. ذكر الخاص بعد العام تنبيهًا على فضله، نحو: احترم كبار السّن، ووالديك.
  2. ذكر العام بعد الخاص لإفادة العموم الشّمول، نحو: أكلتُ عنبًا، وتُفّاحًا، وفاكهة.
  3. الإيضاح بعد الإبهام لتفصيل المعنى وشرحه، نحو: الرّجال ثلاثة: واحد يعرف بالأمر قبل وقوعه، فيحتال له فيمنع وقوعه، وهو الفَطن، وثانٍ لا يعرف بالأمر حتّى وقوعه، فإذا وقع عرف كيف يخرج منهُ وهو اللّبق، وثالث لا يعرف بالأمر حتّى وقوعه، فإذا وقع لم يعرف كيف يخرجُ منه، وهو البليد الأحمق.
  4. التّوشيع: وهو أن يُؤتى بمُثنّى مُفسّر بمُفردين، نحو: العلمُ علمان: علم الأديان، علم الأبدان.
  5. التّكرار: للتّأكيد والتّقرير، نحو: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ.
  6. الاعتراض، وهو توسّطُ جملةٍ أو أكثر بين أجزاء جملةٍ بحيثُ لو حُذف هذا الاعتراض لم تختلّ فائدةُ الكلام: سافر أبي –حماه الله- إلى أوروبا.
  7. التّذييل: وهو تعقيب الجُملة بأخرى تشتمل على معناها توكيد لها، وهو نوعان:
  • جاري مجرى المثل، نحو: تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا              إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ.
  • غير جارٍ مجرى المثل، نحو: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}.
  1. الاحتراس: ويُسمّى التّكميل، ويكون مع كلام يُوهم خلاف المقصود، نحو: أذلّ الله كل عدو لك إلّا نفسك.
  2. التتميم: وهو زيادة فضله (حال، جار، ومجرور، مفعول)، تحسن المعنى، نحو: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا}، أي: مع اشتهائه.

يُستحسن الإطناب في المُصالحات، والمدح، والثّناء، والهجاء، والوعظ، والخطابة.

# الإيجاز والمساواة والإطناب By محمود قحطان،

محمود قحطان

استشاريٌّ مِعماريٌّ باحثُ دراساتٍ عُليا في التّصميم البيئيّ وكفاءة الطّاقة في المباني. مُدقِّقٌ لُغويٌّ، وشاعرُ فُصحى. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشِرت عنه رسالة ماجستير، ونُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وتُرجِم بعضها. أصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار!

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!