مقالات في العمارة والأدب والحياة

العمارة الطينية في اليمن

العمارة الطينية في اليمن

انطلقتِ العمارة الطينية من اليمن وشهدَ العالمُ كلّهُ تميّزِها، وانتشرتْ في حضاراتِ العالمِ المُختلفة؛ لذلكَ يقفُ السّائحونَ طويلًا إزاءَ العِمارةِ اليَمنيّةِ؛ فالذّهولُ يُصيبُ كلّ مَنْ يزورَ صنعاءَ القديمةَ، فقد أبدعَ اليمنيّونَ في بناءِ مُدُنهمْ باستخدامِ الطّين، ومنذُ فجرِ التّاريخِ ولليمنيّينَ يدٌ على فنِّ العِمارةِ والهندسةِ في العالم، وليسَ هناكَ أدّلُ على ذلكَ من سدِّ مأربَ الّذي جعلَ من صَحراءِ اليمنِ مُروجًا خضراءَ.

thumb - العمارة الطينية في اليمن
بقايا سدّ مأرب

مِنْ أهمّ مزايَا الفنّانِ اليمنيِّ هي: اعتمادُهُ على بيئتهِ المُحيطةِ في البناءِ، بدايةً مِنَ الطّينِ، والأخشابِ، والحجارةِ. ومِنْ أهمّ مَزايا العمارة الطينية في اليمن: أنّها طَوّعتِ البيئةِ؛ لتُناسبَ الإنسانَ، ويُمكنُ أن نَرى ذلكَ واضحًا في الجبالِ الّتي تكسوها المنازلُ، وكيفَ تغلّبت على التّضاريسَ الصّعبةِ، و ما لا يعرفهُ كثيرونَ عَنِ الطّينِ كمادّةٍ للبناءِ: قدرتُهُ على عَزلِ الحرارةِ، حيثُ إنّ الطّينَ الّذي استُخدِمَ في عمارة اليمن مُكوّنٌ من “سيلكا الألومينيوم“: وهو عبارةٌ عنْ: بلّوراتٍ صغيرةٍ من الصّخورِ النّاريةِ؛ ما يعني أنّهُ صلبٌ إلى حدٍّ بعيدٍ، في الوقتِ نفسهِ لهُ قدرةٌ هائلةٌ على عزلِ الحرارةِ، فالسّاكنُ في بيوت اليمن الطّينيّة لا يُعاني من الحَرارةِ، أو البردِ، كما يُعاني من يسكنونَ في المنازلِ الإسمنتيّة.

Ur6THv01132011 e1403307889666 - العمارة الطينية في اليمن
المدرجات الزراعية

 تتميّزُ العمارة الطينية في اليمن بالجمالِ الأخّاذ، حيثُ توصفُ المدنُ المُنشأةُ بالطّينِ بأنّها مَعارضُ فنّيةٌ مفتوحةٌ، حيثُ إنّ الطّينَ -مادّةٍ طبيعيّةٍ- له تأثيرٌ رائعٌ على نفسيّةِ قاطني هذهِ المنازلِ، سواءٌ من ناحيةِ شكلِ المنازلِ من الخارجِ حيثُ الاعتمادُ على الطّينِ، والحجرِ، والخَشبِ -وهي خاماتٌ طبيعيّةٍ-، أمّ داخلَ المنزلِ حيثُ البسَاطةِ؛ وهو ما يُحسّنُ الحالةَ النّفسيّةَ للسّاكنِ فيها.

العمارة الطينية في اليمن رمزٌ من رموزِ هُويّتها الّتي تُظهرُ كيف كان يتفاعلُ الإنسان اليمني مع بيئتهِ، وترسمُ التّاريخَ في لوحاتٍ بلونِ الطّين.

kold26 thumb - العمارة الطينية في اليمن
العمارة الطينية

# العمارة الطينية في اليمن By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. شكرا سيدي
    لدينا في مصر ايضا بيوت رائعة من الطين , و هناك المهندس حسن فتحي من اعلام البناء بالمادة الخام الموجودة بالمكان
    انظر تحت فدمك و ابني

    1. صحيح، ولا جدال في ذلك؛ لكن عراقة التّجربة اليمنيّة وقدمها، خاصّة في نموذجٍ خارق للعادةٍ كسدِّ مأرب، جعلت من حضارة اليمن أهمّ حضارة استطاعت تطويع البيئة لخدمتها، وما أدلّ على ذلك من قوله تعالى: “لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور”.

      إضافة إلى أنّ البناء بالطّين كان يُمارسه الإنسان اليمني العادي فهو سمة من سمات تلك الفترة، بعكس التّجارب الأخرى في الحضارات المُختلفة كالمصريّة مثلًا، حيثُ كان هذا الفنّ حكرًا على رجال المعابد والكهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!