أفكار ونصائح في الكتابة

12 وسيلة للحدّ من فوضى الكتاب

12 وسيلة للحدّ من فوضى الكتاب

لأنّ اللغة العربية لغة معجزّة بحدّ ذاتها، ولأنّها لغة عالميّة خالدة؛ اختارها الله -عزّ وجل- لتكون لغة القرآن، وتحدّى الإنس والجنّ أن يأتوا بمثله؛ لكن مع كلّ هذا الإعجاز إلّا أنّني ألحظُ كثيرًا من الأخطاء اللّغويّة والنّحويّة والإملائيّة والصّرفيّة والطّباعيّة يرتكبها كثير من الكتّاب –وأنا منهم-، والشّيء العجيب، أنّك إذا نقدت أحدهم، وأخبرتهُ عن موضع أخطائه، لعدّك تافهًا وسطحيًّا، وأنّك بدلًا من الالتفاتِ إلى مضمونِ الكلام واستيعابه، اخترتَ أن تُمارس فلسفتك الأدبيّة وتنطّعك اللّغوي! بحسب تعبيرهم.

يردّدون مقولةً أساءت إلى تاريخ اللغة العربية وأضرّت به، مقولة تُعدّ من أكثر المقولاتِ إسهامًا في هدم اللغة العربية، وتبنّاها –ويا للأسف!- بعض من الّذين ينتمونَ إلى حقلِ الثّقافةِ والأدب، وبعضٌ من دارسي اللغة العربية، مقولة: «خطأٌ شائع خيرٌ من صوابٍ مهجور»، إذا تمعنّا في معنى هذه المقولة لوجدنا أنّ الهدف منها هو إشاعة اللّحن في العامّة وتنفير الشّعوب العربيّة من لغتهم، وتحريضهم على الاستهانةِ بخصائصها الفريدة؛ ما ينتج عنه تبلّد الإحساس، وانحلال الشّخصيّة؛ ليُصبح فريسةً سهلةً بين فكّي التّهاون والسّطحيّة حين تضيع ضوابط اللّغة، ويُصبح الحكم النّهائي لما تتداوله ألسنة النّاسِ من كلماتٍ وتعابير تُصيبُ قلب الضّادِ بسهمٍ في مُحاولةٍ للنّيلِ من شموخه.

لا يعلم الكاتب العربي أنّ عدم اكتراثه بلغته يُقلّل قدرها، ويُفشي الفوضى فيها، ومع أنّ اللغة العربية تحوي أكثر من 40 مليون مُفرد ومُشتقّة؛ إلّا أنّ ذاكرة الكاتب لا تختزن إلّا الأشياء الّتي يرغب في اختزانها، فلا يجد له دعامةً قويّةً يُشيّد عليها حصنهُ المنيع.

من ضمن فوضى الكّتاب لجوء بعضهم إلى الكتابة باللّهجة العامّية؛ إمّا لأنّهُ ضعيفٌ في الفصحى وإمّا لأنّهُ يعتقدُ أنّها الأقدر على التّعبير عن أفكاره وأسهل فهمًا، وفي هذا تناقض؛ لأنّ الكاتب إذا أراد أن يكتبَ فكرةً إبداعيّة فإنّه يستخدم اللغة العربية الفُصحى لإيمانهِ أنّ الفُصحى أنسبُ وأرقى في أسلوبها للتّعبيرِ عن فكرته، أمّا إذا أراد أن يستفزّ أو يستهزئ أو يتعدّى لفظيًّا على أحدٍ فإنّه يلجأ للهجة العاميّة اليوميّة الّتي يستخدمها؛ لأنّها أقلّ رقيًّا من الفُصحى وأكثر شعبيّة. في هذا التّناقض اعترافٌ صريحٌ وعمليٌّ بوجودِ هوّة تفصل بين الفُصحى والعامّية، فلماذا لا نردم تلك الهوّة ونُحبّب العربي في الفصحى ونقرّبه منها بدلًا من هجرها والانتقاص منها لسدّ فراغ نقصه وضعفه؟

أيُّها السّادة الأفاضل: يجب ألّا ندّخرَ وسعًا في تحسين لغتنا، فلغتنا السّليمة توصلنا إلى المعاني السّليمة، وتجعلنا نُعبّر عن أفكارنا بوجهٍ صحيح، وتجعلُ القارئ أو المُتلقّي يتفاعل مع ما نكتب، ويحسّ به؛ لذلك فهذه 12 وسيلة للحدّ من فوضى الكتاب:

  1. يجب أن يكون لدى كلّ منّا إيمان تام بأهميّة اللغة العربية واقتناعٌ بأنّها وسيلتنا في التّعبير عن أفكارنا وأسلوبنا في التّواصل مع الآخرين.
  2. الاهتمام بحفظ القرآن وقراءته، فهو الوسيلة الأرقى لتكوين القاعدة اللّغويّة السّليمة.
  3. العناية بالكتابة بالفُصحى ونبذ العامّية، فالألفاظ العربيّة الفصيحة يُمكن استبدالها بالألفاظِ العاميّة.
  4. المعنى السّليم يجب أن يُصاغ بلغةٍ سليمة؛ لذلك نحتاجُ إلى تخصيص ساعةٍ يوميًّا لتعلّم اللغة العربية، في الأقل تعلّم مبادئها الأساسيّة من نحوٍ وإملاء.
  5. حفظُ بعض نصوص الأدب العربي القديم؛ نظرًا لمستواها اللّغوي والأدبي الجيّد ما يُسهمُ في تقويم اللّسان.
  6. تدقيق كلّ فقرة من فقرات موضوعنا وتحريرها قبل عرضها على الآخرين.
  7. قبل نشر موضوعك، اعرضه على المُدقّق الإملائي في برنامج مُحرّر النّصوص Microsoft Word، فما أكثر المشكلات والأخطاء الّتي يصطادها مُحرّر النّصوص وإن لم يكن دقيقًا.
  8. التّشكيلُ ليس ترفًا، إنّما هو وسيلة لتربيّة مَلَكة اللّغة لدى القرّاء، تَعلّم أين موضع علامات التّشكيل في لوحة المفاتيح وتدرّب على استخدامها، وحاول أن تضبط بعض كلماتك بالشّكل.
  9. انظر في المعاجم، أو في مواقع الإنترنت المُتخصّصة كموقع «الباحث العربي»، لتتحقّق من صحّة الكلمات الّتي أُشكلت عليك أو تشكّ فيها.
  10. لا تستعجلْ في نشر موضوعك، وحاول أن تقرأهُ بعينِ القارئ لا بعين الكاتب لتتعرّف إلى ماذا يحتاجُ الموضوع ليكتمل.
  11. أنشئ قاموسًا لغويًّا تستعين به في كتابتك، ويا للأسف!، لا سبيل لإنشاء ذلك القاموس سوى القراءةِ الّتي -في الغالب- لا نُمارسها؛ مع إنّها ضرورةٌ للبقاءِ والوجود الإنساني.
  12. قراءةُ الكلماتِ بصوتٍ عالٍ. نطقُ كلّ كلمةٍ ببطءٍ ووضوح للتَّحقُّقِ من وجودِ أخطاءٍ قد لا تُلاحظها في أثناء القراءة الصَّامتة السَّريعة، جرّب وستُدهش.

قال ابن الأثير في المثل السّائر:

«ليسَ الفاضلُ من لا يَغلطُ، بل الفاضلُ من يُعَدُّ غلطه».

هل لديك أفكار ونصائح وإرشاداتٌ تضيفها لموضوع 12 وسيلة للحدّ من فوضى الكتاب؟ اتركها في التّعليقات!

# 12 وسيلة للحدّ من فوضى الكتاب By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!