مقالات في العمارة والأدب والحياة

العلم في الكبر

العلم في الكبر

هل العلم في الكبر صعبٌ؟ كيف يشعرُ الطّلابُ الأكبر سنًّا؟

يقولون: «أنت لستَ كبيرًا كفاية لكيلا تبدأ». شخصيًّا، أُوافقُ على ذلك. يجبُ ألّا نخافَ -أبدًا- من مُواجهةِ تحدٍّ جديدٍ في أيّ سنٍّ. بالتّأكيد، يجبُ أن نكون معقولين.

لقد بدأتُ بحفظِ القرآن، أنوي حفظ خمسة أجزاء، ليس حفظًا فحسب، بل مع فَهمِ الآياتِ ومعاني الكلمات والدّروس المُستفادة وغيرها. قد لا أستطيع الإيفاء بذلك، رُبّما أحفظُ جزأين.

قبل عشرين عامًا كان حِفظي أفضل وأسرع، وتركيزي أعلى. أظنُّ العلم في الكبر يُصبحُ أصعب. لا تُنتجُ أجسامنا الخلايا الّتي اعتادتْ على إنتاجها؛ ولكن ثمّة ميزةٌ واحدة مع تقدّمنا في السِّن: نُصبح حكماء. تُساعدنا هذه الحكمةُ على أن نتعلّمَ أفضل.

لن أكونَ بسرعةِ الحفظِ نفسها قبل عشرين عامًا. ليسَ لديّ رفاهيّة الحُرّيّة للتّركيز وتعلّم شيءٍ مثلما فعلتُ عندما كنتُ أصغر؛ ولكن هذا لا يعني أن أستقيل أو أنسحب.

إضافةً إلى ذلك بدأتُ بدراسة الماجستير أخيرًا، أرمي إلى إنهائه في أقلّ من ثلاث سنواتٍ. نعم، أنا الأكبر سنًّا ضمن الدّارسين. رُبّما أحرَجني هذا الأمرُ في البدايةِ؛ ولكنّني أدركتُ أنّني الأكثر خِبرة وحِكمة وثقافة.

في رأي، يجبُ ألّا تبدأ بالدّراساتِ العُليا حتّى تكتسبَ الخِبرة العمليّة. في الأقلّ عليك الانتظار خمس سنواتٍ بعد التّخرّج. هذه الخمسُ سنواتٍ كفيلةٌ بصقلِك ووضعك على درجةٍ تعرفُ جيّدًا ما يجبُ عليك فعله -وقتئذٍ- للصّعود. يُعاني الخرّيجون الجُدد من تأثير أفكار سنوات الدّراسة الجامعيّة فيهم. في فكرهم. في نظرتهم إلى الأمور، ويفتقدونَ إلى الخبرة الّتي تُساعدهم على اتّخاذِ القراراتِ الجيّدةِ في دراساتهم العُليا. إنّهم (أكاديميّون) ناجحون؛ ولكنّهم قليلو الخبرةِ وبعضهم لا خبرةَ عمليّة لديهِ على الإطلاق.

بعد تخرّجي في الجامعة وبعد خمس سنواتٍ من العملِ في السّوق واكتسابِ الخِبرة ووجهة النّظر الّتي تُمكّنني من خوض الدّراسات العُليا بكفاءةٍ؛ قرّرتُ دراسة الماجستير. لكنّ القدرَ لم يُمهلني، فقد عُرِّضتُ إلى حادثٍ مروريٍّ أدّى إلى تغيير مُستقبلي.

الآن، عُدتُ من جديد. هل جئتُ مُتأخّرًا؟ من قالَ إنّ للعِلمِ نهايةً أو حدود!

على مُستوى الحفظ، كلّما صغر عمرك صار حفظك أفضل.
على مُستوى العلم، كلّما زاد عمرك صار فهمك وأداؤك أفضل.

توجدُ عبارةٌ في أغنيةٍ تقول:

I’m not as good as I once was
but I’m as good once as I ever was

هل فهمت ماذا تعني؟ إذا لم تفهم. اسمحْ لي أن أعرف!

# العلم في الكبر By محمود قحطان،

محمود قحطان

باحثُ دراساتٍ عُليا، وشاعرُ فُصحى، ومُدقّقٌ لغويُّ، ومُهندسٌ مِعماريٌّ استشاريٌّ. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وأصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!