زها حديد أيقونة الهندسة المعمارية
تُعدّ زها حديد Zaha Hadid من المهندسات المعماريّات المبرّزات عالميًّا؛ فلها دورٌ بارزٌ في تغيير مفهوم العِمارة في العالم. لقد أسهمتْ زها حديد في أثناء مسيرةِ عملها في خلقِ عالمٍ أفضل بواسطةِ تصاميمها الرّاقيّة للأبنية، وقد عُدَّتْ تصاميمها فريدة من نوعها وكأنّها تنتمي إلى عالمِ الخيالِ في كوكبٍ آخر غير كوكبنا! تميّزتْ بأعمالها المعماريّة ذات الكمونيّة في الطّاقة، إضافةً إلى عراقة أعمالها وأصالتِها، حيثُ الدّيناميكيّة العاليّة. لقد استطاعتْ أن تبهرَ النّاس وزملاءها من المهندسين المعماريّين والنّقاد على حدّ سواء، لتكون أعمالها بمنزلةِ رحلةٍ من أجلِ استكشاف عوالمَ أخرى.
حياة زها حديد العمليّة وأهم مراحل نشأتها كمهندّسة معماريّة
وُلدت زها حديد في العراق عام 1950، وسافرت من العراق في عام 1965 إلى لُبنان، حيثُ درست الرّياضيّات في الجامعة الأمريكيّة، ثمّ غادرتها مُتوجّهة إلى إنجلترا لتحصل من هناك على دبلوم في الهندسة المعماريّة. بدأت زها حديد في العمل الهندسي في بداية السّبعينيّات، فأسّست مكتبها الهندسي الخاص في قلبِ العاصمَة لندن. كانت بداية أعمالها عبارة عن تصاميمَ لأبنيةٍ يسيرة، وقد برعتْ في التّخطيط والرّسم الهندسي، إضافةً إلى أنّها كانت تعرضُ جميع ما تُصمّمه في معارض لندن، فلفتتْ تصاميم زها حديد الغريبة انتباه المهندّسين المخضرمين آنذاك؛ وذلك بسبب توجّهها إلى مفهوماتِ المدرسةِ التّفكيكيّة في التّصميم، نقيضًا لمبادئ التّصميم الكلاسيكيّة، فزاوجتْ ما بين القديم والحديث لتكوْن نماذج تصاميمها فنيّة لا تعترفُ بالحدود، وتُصبح مدرسةً مستقلّةً بذاتِها، وتكون من رُوّاد الفكر التّفكيكي في العِمارة.
في الثّمانينيّات بدأتْ أعمال زها حديد تبرزُ على أرضِ الواقع، لتظهرَ في أبرز تصميمٍ جريءٍ لها آنذاك، وهو: تصميمُ محطّة فيترا الّتي تقع في مدينة فايل في ألمانيا، ليصبحَ اسمُها بعد تصميم المحطّة معروفًا، ولتنتقل إلى الشّرق –وتحديدًا- إلى هونغ كونغ لتُصمّم منتجعًا سياحيًّا هُناك.
من أشهر أعمال زها حديد في التّسعينيّات مركز روزنثال للفنّ المعاصر والموجود في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ومنصّة التّزحلق في أنسبروك، ومحطّة القطار في ستراسبورج، إضافةً إلى محطّة البواخر في ساليرنو، وكان لها دورٌ مهمٌّ في مشروع القبّة الألفيّة في لندن (منطقة العقل).
على الصّعيد العربي لم تكنْ أعمال زها حديد كثيرة؛ ولكنّها -ومع قلّتها- أعمالٌ مميّزة. صمّمتْ جسر الشّيخ زايد في أبو ظبي، وعددًا من المشروعاتِ الّتي لا تزال قيد الإنشاء أو لم تُنفّذ بعْد، مثل: دار الأوبرا في دُبي، ومشروع إكسبو سيتي في القاهرة، إضافةً إلى مشروعاتٍ قُدِّمت نماذج لها مثل: مترو الرّياض، ودار عائم في دبي، إضافةً إلى دارٍ للثّقافةِ في الأُردن.
نالت زها حديد في أثناء مسيرة حياتها العمليّة عددًا من الجوائز العالميّة أبرزها: جائزة البريتزكر عام 2004، لتكون أوّل مُهندّسة –امرأة- تحصل عليها، إضافةً إلى جائزة ريبا عام 2016 لتكون أوّل مهندسة امرأة تحصل عليها أيضًا.
تُوفيت زها حديد في 31\ 3\ 2016 في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إثر أزمةٍ قلبيّةٍ حادّةٍ؛ لتنتهي بذلك قصّة نجاح مُهندسة مِعماريّة أنجزت ما يُقارب (950) مشروعٍ فى (44) دولةً أبهرت بها العالم.
أشهر أعمالها:
مركز إطفاء فيترا في مدينة فيل آم راين الألمانية (1994)
قد يكون أوّل مشروعات حديد المُخفقة. بناء مُعقّد مكوّن من أسطح مائلة ومُتداخلة تتصادم مع بعضها، وفناء مركز الإطفاء يبدو وكأنّهُ سهمٌ يصرخ: طوارئ. أبعادهُ الهندسيّة لم تُناسب رجال الإطفاء فحُوّل المبنى إلى صالة مناسبات.
منصّة التزحلق في أنسبروك- النّمسا (2000)
مركز روزنثال للفن المعاصر في مدينة سينسيناتي في أمريكا 2003
البرج اللولبي المُتصاعد في برشلونة
حاز هذا البرج جائزة Prizker 2004.
مركز فاينو للعلوم في فولفسبورغ في ألمانيا (2005)
يرتكزُ المبنى على دعائم اسمنتيّة مخروطيّة وسميكة، كأنّما هو كاتدرائيّة من الزّوايا الحادّة المُتداخلة مع المُنحنيات المحدّبة والأسطح المُتكسّرة والنّتوءات الجريئة، فيبدو البناء بطوله البالغ (154) مترٍ كأنّهُ مُعلّقٌ في الهواء!
مصنع بي إم دبليو بألمانيا 2005
محطة قطار نوردبارك بالنمسا (2007)
مركز الفنون في أبو ظبي (2007)
جسر الجناح في سرقسطة الإسبانية (2008)
أوّل مشروع جسر لحديد. طوله (280) مترٍ من البيتون المُسلّح المُدّعم بالألياف الزّجاجيّة Fiberglass فوق نهر إيبرُه. نصف المبنى ممرّ مُشاة في حين نصفه الآخر معرض.
مركز الفنون الحديثة في روما (2009)
أول متحف وطني للفنّ المُعاصر في روما-إيطاليا.
جناح برنهام في شيكاغو (2009)
قاعة بيتهوفن للموسيقى (2009)
دار أوبرا قوانغتشو في الصين (2010)
جسر الشيخ زايد، أبو ظبي (2010)
طول الجسر (842) مترٍ، وارتفاعه (64) مترًا. نفقات البناء (286) مليون دولار.
مركز لندن المائي (2011)
نفقات البناء (385) مليون دولار، يُشبه كاتدرائيّة عملاقة، ويضم مسبحين بطول (50) مترًا، ويسع (2500) متفرّج. سقفه موجة قائمة على ثلاث دعائم إسمنتيّة مسلّحة.
متحف ريفرسايد بغلاسكو في إسكتلندا (2011)
فاز بجائزة عام 2013 لأجمل متحف أوروبي. يطلّ على نهر كلايد بواجهته المصقولة الّتي ترتفع (36) مترًا، وبسقفه المتعرّج المكسو بالزّنك. هيكل المبنى من الفولاذ الصّلب، وبُني على موقع حوض قديم لصناعة السّفن وبنائها، ويتميّز بمساحة واسعة للعرض مقدارها سبعة آلاف متر مربّع خالية من الأعمدة الدّاعمة. نفقات البناء (106) ملايين دولار.
مركز حيدر علييف الثقافي في باكو (2012)
فاز هذا المركز الّذي تبلغ مساحته (57.5) ألف متر مربع في العاصمة الأذربيجانيّة بجائزة متحف لندن للتّصاميم المعماريّة عام 2014.
غالاكسي سوهو في بكين (2012)
قال عنه المعماري البولندي ميشال جورجيلويزتش: «مشروع سوهو المجرة سبّب في تلوّث البيئة المُحيطة، وهو فارغ تمامًا ودائم الظّلمة، وسعر المتر لأرضه وصلت إلى أرقامٍ فلكيّة؛ ما جعله يخرج من تفكير المستثمرين في الوقتِ الحالي أو مُستقبلًا».
مركز المكتبة والتعليم في جامعة فيينا (2013)
حازَ هذا المبنى المكسو بالألياف الزّجاجيّة والمُدعّم بالخرسانة المُسلّحة الجائزة الأوروبيّة من المعهد الملكي للمُهندسين المعماريّين البريطانيّين عام 2014.
مسجد الافينيوز في الكويت
من أجرأ تصميمات المساجد المُعاصرة، يعتمد فلسفة الاتّجاه التّفكيكي في البحث عن العناصر الأساسيّة في العِمارة التّقليديّة وإعادة صياغتها بما يتناسب مع مُتطلّبات العصر الحالي.
كايرو أكسبور سيتى فى القاهرة
دار الأوبرا في دبي
دار الملك عبد الله للثقافة والفنون في الأردن
استاد الوكرة القطري
أحد ملاعب مونديال قطر 2022، الّذي عُرِّض إلى هجوم واسعٍ وشُبّه بفرج المرأة.
من أقوال زها حديد أيقونة الهندسة المعمارية:
«اتذكّر وأنا طفلة لا يتعدّى عمرها السّادسة أنّ والديّ اصطحباني إلى معرض خاص بفرانك لويد رايت في دار الأوبرا في بغداد، وأذكر أنّني انبهرت حينئذٍ بالأشكال والأشياء الّتي شاهدتُها، فقد كان والديّ شغوفين بالمعمار؛ ولكن من بعيد، واذكر إجازاتنا في منطقة الأهوار، جنوب العراق، الّتي كنّا نسافر إليها بواسطة مركب صغير، كنت انبهر بطبيعتها، وخصوصًا بانسياب الرّمل والماء والحياة البريّة الّتي تمتدّ على مرمى العين، فتضمّ كلّ شيء حتّى البنايات والنّاس. أعتقدُ أنّ هذا العنصر المُستوحى من الطّبيعة وتمازجها مع العالم الحضري، ينسحبُ على أعمالي».
«كمعمارى، إذا كنت تستطيع بأىّ طريقةٍ التّخفيف من حدّة القّمع، أو رفع الثّقافة، إذًا عليك بذلك، فهى تختلفُ إذا طُلِبَ منك تشييد سجن، أنا بالتّأكيد لن أفعل؛ ولكنّني لو أبنى متحفًا أو مكتبةً، هنا الأمر يختلف».
«إنّ العمارة صعبة بشكلٍ غير ضروري، إنّها صعبةٌ جدًّا».
«لقد كنتُ دائمًا ذات شكل غير مُعتاد، لن أقول: جميلة».
«أنا أؤمنُ حقًّا بفكرة المُستقبل».
«كامرأة؛ لا تستطيعي الوصول لكلّ العوالم».
«إنّ الأمرَ اللّطيف بشأن الخرسانة هو أنّها تبدو غير مُنتهية».
«أنا أجدُ المدن الصّناعيّة مُثيرة، أحبُّ صلابتها».
«إنّ النّساءَ مثل الرّجال، يجبُ أن يكُنّ مجتهدات ويعملن بجد».
«هل كانوا سيُطلقون عليَّ لقب ديفا لو كنتُ رجلًا؟».
«لقد اعتقدتُ دائمًا أنّني قويّة منذ كنتُ طفلة».
«إنّ الحياةَ في الشّرق الأوسط مُختلفة اختلافًا كبيرًا عن باقي الأماكن».
«يجبُ أن يكون النّاس في المُستشفى قادرين على إيجاد وقتٍ لأنفسهم».
«إنّ التّعليم والإسكان والمُستشفيات هم الأشياء الأكثر أهميّة في المُجتمع».
«من المُهمّ جدًّا السّماح للمُدن التّاريخيّة بأن تُعيد ابتكار مُستقبلها».
«لقد قدّرتُ دائمًا من جرؤ على التّجربة في النّسب والمواد».
«أنا واثقة أنّني كامرأة يُمكنني عمل ناطحة سحاب جيّدة جدًّا».
«لقد كان والدي اشتراكيًّا؛ لذا كان سيعتقد أنّني لا يجب أن أكون سيّدة راقية».
«إنّ نصف طلّاب العمارة نساء، ترى معماريَّات إناث مُحترمات وقويّات طوال الوقت».
«يقولُ النّاسُ أنّني أُصمّمُ أيقوناتٍ مِعماريّة، لو صمّمتُ مبنى وأصبح أيقونة، فلا بأس بهذا».
«أنا سهلة الانقياد، وألتمسُ للنّاس الأعذار لو أحببتهم».
«لن أُعطي نفسي أبدًا رفاهية التّفكير، لقد نجحت».
«من الواضح لدى بعض النّاس أنّ هناك صلةً كبيرةً بين المُوسيقى والطّريقة الّتي يُمكنك خلق المساحة بها».
«أنا مُهتمّة بالأزياء؛ لأنّها تحتوي على الحالة المِزاجيّة لليوم، للحظة، مثل: المُوسيقى والأدب والفن».
ما رأيك بهذه الأيقونة؟ هل لديك معلومة أو مشروعًا تودّ إضافتهُ في الموضوع؟ ما رأيك بأقوالها؟ شاركنا في التّعليقات!
# زها حديد أيقونة الهندسة المعمارية By محمود قحطان،