مقالات في العمارة والأدب والحياة

لنوقف هذا معًا

«سأبقى في المنزلِ».

لنوقف هذا معًا

ما الوضع الحالي على الأرض مع جائحة كورونا؟ وماذا يعني ضمنيًا اتخاذ قرارات بعيدة المدى في مكانٍ ما؟

في هذه اللّحظةِ نعيشُ حالةً من عدمِ اليَقينِ الشّديدِ والخوفِ، إضافةً إلى معلوماتٍ مُضلّلةٍ واسعةِ النِّطاق؛ ولكنّنا بخير مع ذلك.

لنكُن واضحين: لا أحد منّا يجبُ أن يتعاملَ مع الفيروس باستخفافٍ في هذ المرحلة، ويجبُ ألَّا نُحاولَ السّخريّة من جهود احتواءِ التّهديد. الشِّعار الجديد في جميع مواقع التّواصل الاجتماعي هو:

«سأبقى في المنزلِ».

«لنوقف هذا معًا».

يُنصحُ النَّاسُ بالاسترخاءِ على الأريكةِ مع كتابٍ جيّدٍ أو مسلسلٍ قصيرٍ مُفضّل، مع تجنّب الذّهاب إلى العملِ أو رؤيةِ الأصدقاء لشرب القهوةِ أو لتناولِ وجبة أو للغِيبةِ.

الاسترخاءُ لن يطولَ -بإذن الله- لأنّنا نأملُ أنْ تعودَ الأشياءُ إلى طبيعتها.

يبدو أنّ مُعظمَ النّاسِ يتقبّلونَ الأمرَ بهدوءٍ؛ مع ذلك، لدى كثيرين، أصبحَ مِنَ الصّعبِ تحمّل ثِقل الأزمة.

يُقال إنّ ثمّةَ أربع مراحل من الحُزنِ الوبائيِّ: الإنكار، والذّعر، والخوف؛ والاستجابة العقلانيّة إذا سارت الأمور على ما يرام. أظنّنا جميعًا كنّا في حالةِ إنكارٍ تامٍّ حتَّى أسابيعَ قليلةٍ مضت.

في روايته الحائزة جائزة نوبل «الطَّاعون»، كتب ألبير كامو:

«إنّ الوباء ليس شيئًا يُناسب قياس الإنسان؛ لذلك  نقولُ لأنفسنا إنّ الوباء هو مُجرّد ذُعرٍ للعقل، حلمٌ سيءٌ سيزول».

إذا فشلنا في ذلك؛ فنحنُ كبش الفداء الأكثر مُلاءَمة. آثارُ الشّائعاتِ والأخبارُ المُزيّفةِ والعقليّةُ النّفسيّةُ الغوغائيّةُ كانت واضحة.
في وقتٍ مُبكّر، بدأ النّاسُ في مُقاطعةِ المطاعمِ والمحلّاتِ التّجاريّةِ، ويتطلّعونَ بوجهٍ مُثيرٍ للرّيبةِ إلى كُلّ شخصٍ يبدو أنّهُ مِنْ أصلٍ آسيوي.

اجلس في البيت

يجبُ تغيير العاداتِ

بعد بضعةِ أشهرٍ من هذه الأزمة، ما نعرفهُ على وجهِ اليقين هو أنّنا ما زلنا لا نعرفُ كثيرًا عَن الفيروس التّاجي.

إنّ الذّعرَ، سواءٌ تخزين ورق المراحيض (التّواليت) في أستراليا وادّخاره، أو أعمال الشّغب في السّجون؛ لن يجعلَ الوضعَ أفضل.
إلى أن يتمكّن العُلماءُ من تقديم إجاباتٍ واضحةٍ حول العلاج، واللّقاحات وكيفيّة الاستعداد للوباء المُقبل؛ فإنّ الصّبرَ هو أفضل أدواتنا.

العزلةُ الذّاتيّةُ والإبعادُ -البقاءُ على مسافةِ مترٍ عن أيِّ شخصٍ في الأماكنِ العامّةِ- ليسا مثل الاغترابِ والأنانيّةِ.

سيتعيّنُ على العاداتِ أن تتغيّرَ، سواء أمصافحةً كانت أو عناقًا؛ ومثلما تبنّى الطّلابُ والمُعلّمونَ فكرةَ التّعلّمِ عن بعدٍ بسرعةٍ، علينا أن نتكيّفَ لبناء مُجتمعنا ودعمهِ في مُواجهةِ هذه الضّغوط.
قد توفّر لنا أزمتنا الحاليّة افضل فرصة لتعلّم كيف يُمكننا التّعامل مع التّحديّاتِ العالميّةِ دون تمزيقِ أنفسنا.

# لنوقف هذا معًا By محمود قحطان،

محمود قحطان

استشاريٌّ مِعماريٌّ باحثُ دراساتٍ عُليا في التّصميم البيئيّ وكفاءة الطّاقة في المباني. مُدقِّقٌ لُغويٌّ، وشاعرُ فُصحى. أحد الشُّعراء الَّذين شاركوا في موسم مُسابقة أمير الشُّعراء الأوّل في أبوظبي، حيثُ اختير ضمن أفضل مئتي شاعر من ضمن أكثر من (7500) شاعرٍ من جميع أنحاء العالم. نُشِرت عنه رسالة ماجستير، ونُشر عددٌ من إنتاجه الشّعريّ في الصّحفِ المحليّة والعربيّة، وتُرجِم بعضها. أصدرَ أربعة دواوين شعريّة وكتابًا نقديًّا. مؤمنٌ بالفكرِ الإبداعيّ وأنّ كلّ ذي عاهةٍ جبّار!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!