المزاجية ثمن الإبداع
المزاجية ثمن الإبداع
يتدخّل مزاجنا في كلّ تفصيلاتِ حياتنا. عبادتُنا، وصحّتنا، وأعمالنا، وعلاقاتنا؛ تتأثر بدرجة كبيرة بالحالة النّفسيّة الّتي نمرّ بها، وكلّما استطعنا المحافظة على مزاجٍ ثابت، كان أداؤنا أكثر ثباتًا أو إخلاصًا.
يُعدّ تقلّب المزاج حالة مُتدرّجة، تتراوح بين السّمةِ الشخصية الطبيعية، مرورًا باضطراب الشخصية المزاجية، ووصولًا إلى الشخصية الحدية، الّتي سُمّيت بذلك لحيرة العلماء في تصنيفها، فليست أمرًا طبيعيًّا تمامًا، ولا مَرضيًّا تمامًا؛ ولذلك عدّوها تقفُ على الخطِّ الحدوديّ الفاصل بين الصّحةِ النّفسيّةِ والمرض النّفسي، ومثلها مثل كثيرٍ من السّماتِ الشخصية يُعدّ البحثُ عن حلولٍ مُناسبة، وأعمالٍ مُناسبةٍ، وأشخاصٍ مُناسبين؛ عوامل مُهمّة في تلافي الصّعوباتِ والحصول على حياةِ أفضل.
إذا كانتِ الملايين من النّاسِ تستيقظُ يوميًّا لأداءِ أعمالها الاعتياديّة، والذّهاب إلى وظائِفها، فإنّ أصحاب الشخصية المزاجية يصعبُ عليهم جدًّا فِعلُ ذلك؛ فالأعمالُ المنتّظمةُ والمتكرّرةُ تحتاجُ إلى ثباتٍ انفعالي، أي: (القدرةُ على التّحكمِ في انفعالاته، والوسطيّة في اتّخاذ القرار)، وقدرةٍ على التّأقلمِ والاعتيادِ لا يملكونها، وتُصبح الخياراتُ الأفضلُ هي: الأعمال المُعتمدة على الإنجازِ، الّتي تُتيح للمُلتحقين بها الانتهاء منها في أيّام مُعيّنة، بحيث يُصبح في مقدورهم التّغيّب عن العملِ في بقيّة ِالأيّام. إضافةً إلى ذلك الأعمال الّتي تعتمدُ على نظامِ المناوباتِ بين عددٍ كبيرٍ من الموظّفين.
يُصبحُ من المتوقّع في الحياةِ الاجتماعيّة أن يتواصلَ المزاجيّون مع أهلهم وأصدقائهم تواصلًا جيِّدًا لفترةٍ، ثمّ ينقطعونَ حتّى في المناسباتِ الاجتماعيّةِ المهمّةِ لفتراتٍ أخرى، ومن دونِ مسوّغاتٍ مُقنعة، فالتّعاقب الدّوري للمزاجِ العالي والمزاجِ المنخفض، يُصاحبهُ مظاهرُ خارجيّةٌ ملحوظة: كالانعزالِ عن النّاس، والضّيق، وشدّة الإحساس في حالةِ المزاجِ المُنخفض، والسّعادة والانشراح والنّشاط البدني والاجتماعي في فترة المزاج العالي.
يُعدّ اللّجوءُ إلى العقاقيرِ الطّبيّةِ خيارًا أخيرًا لضبطِ السّيال العصبي، وتنظيمِ دفعاتِ هرمون السّعادةِ كما يُطلق عليه، فحالات الاكتئاب ترتبطُ بمعدّلات منخفضةٍ من هرمون السيروتونين؛ في حين يتأرجحُ بين الارتفاع والانخفاض في حالاتِ المزاجية، فالأشخاص المزاجيّون يندرُ أن يقضوا ساعاتٍ طبيعّيةٍ مُتوازنة، فهم إمّا في حالاتِ سعادةٍ ونشاط، وإمّا في حالاتِ حزنٍ وخمول؛ الأمر الّذي تضبطهُ العقاقير للوصولِ إلى حالةِ التّوازن.
يُعرفُ عن الكتّابِ والشّعراء والمُصمّمين والفنّانين والمُبدعين انتشار المزاجيّة بينهم؛ لأنّ الإبداع والإنجاز عندهم يرتبطُ بمزاجٍ عالٍ، يصحبهُ مزاجٌ سيءٌّ مرتبطٌ بفتراتِ انقطاعِ الإلهام، وحبسة الكاتب، وعدم قدرة الفنّان على إكمالِ لوحتهِ، فكما أنّ الإبداعَ بأنواعهِ المُختلفةِ منحةٌ يتمتّعُ بها أصحابها، فله جانبه المظلم الّذي يُعدُّ ثمنًا معنويًّا، يُدفع على أقساطٍ مُريحة!
# المزاجية ثمن الإبداع By محمود قحطان،
صدَقت.
بالفعل المزاجية ثمن الإبداع،
الغريب في الأمر أن الإبداع لا يرتبط فقط بالسعادة، فهناك من يبدع حينما يكون مزاجه سيئا! لدي صديق له هذه الصفحة، يعمل في مجال تصميم الويب، حينما يكون مزاجه سيئا يطرح أعمالا جد رائعة 😀
هي طقوس وحالات نفسيّة، أحيانًا يُوجدها الكاتب إذا لم تكن موجودة لتحفيز نفسه.