لوليتا: الشعر، الفكاهة، الحب والمأساة
لوليتا: الشعر، الفكاهة، الحب والمأساة
دولي: دولوريس، الدّموع والورود
المؤلّف:
(فلاديمير نابوكوف/ 1899–1977)، وُلد في روسيا وتوفي في سويسرا. روسي الأصل؛ إلّا أنّهُ حاصل على الجنسيّة الأمريكيّة. نشر أوّل رواياته سنة 1925م، بعنوان: ‹‹ماشينكا››، وكان يكتب بالرّوسيّة حتّى سنة 1938م، عندما نشرَ أولى رواياته الإنجليزيّة بعنوان: ‹‹سيرة سباستيان نايت الحقيقية››.
كُتبت رواية لوليتا في نهاية الأربعينيّات حين كان يعمل (فلاديمير) في التّدريس في جامعة (كورنيل) الأمريكيّة، ونُشرت في العام 1955م في فرنسا في دار أولمبيا برس، حيثُ إنّ دور النّشر في أمريكا رفضت نشرها خوفًا من السّجن أو الغرامة الماليّة أو اتّهامها بنشر الرّذيلة والفحشاء. كُتبت الرّواية باللّغة الإنجليزيّة، وقيل وقتئذٍ أنّ (فلاديمير) أضاف إلى اللّغة الإنجليزيّة ما يُميّزها، وخدمها على وجهٍ كبير.
عُقدة همبرت
عُقدة همبرت: المُراهقة المُتأخّرة لكبار السّن، اتُصِف بها من يهوى مُضاجعة الفتياتِ الصّغار من سنّ 9-14 سنة، أي: الولع الجنسي بالأطفال. نتجت هذه العُقدة بسبب الحرمان من الجنسِ والكبتِ في سنّ المُراهقة.
لوليتا أو دولوريس: رواية الكاتب الرّوسي (فلاديمير نابكوف)، مَدخل الرّواية يُشيرُ إلى أنّها عبارة عن مُذكّراتٍ ذاتيّةٍ كتبها شخص يُدعى (همبرت) في سجنه قبل وفاتهِ سنة 1952. ما الّذي حدث مع هذا الـ (همبرت)؟
بداية العُقدة المرضيّة
في فرنسا، وُلدَ (همبرت) سنة 1910م، وحين كان في سنّ الثّالثة عشرة، أحبّ فتاةً في مثل سنّهِ تُدعى (آنابيل)، يُعرّفها لنا (همبرت)، فيقول:
‹‹أمّا أنابيل، فكانت تُماثلني، وتُماثل الأفراد الّذين أشرفوا على فجر مُراهقتهم، من حيثُ الشّعور بتمرّدِ الحيوانِ ويقظتهِ في جسدِ كلٍّ منَّا››.
هذا الحيوان الّذي كان ينهشُ جسديهما، فجّر فيهما رغباتِ الوصال المحمومة؛ إلّا أنّ صعوبة انفرادهما معًا، بعيدًا عن أعُين والدي (آنابيل) وحصارهما؛ جعلهما يستغلّان أيّ فرصةٍ يجودُ بها القدر ليلمسَ أحدهما الآخر، كما كان يحدثُ على شاطئ (الرّيفيرا).
‹‹فكانت تُدخل يدها تحت الرّمل وتزحف نحوي حتّى تُلامس أطراف جسدي بأصبعها، وفي بعض الأحيان كانت ساقها، تقوم برحلةٍ حذرةٍ بطيئةٍ لتُلامس ساقي››.
في مُجتمعٍ مُنفتحٍ وإباحيٍّ كالمُجتمع الفرنسيّ، كانت لهذه الرّغبات الّتي وُلِدت داخلهما، وعلاقتهما المُحاصرة، ومُلامستهما المَبتورة أكبر مُعين على إنتاج انحدار نفسيٍّ ووجدانيٍّ عميق.
«إن هذه المُلامسات المبتورة كانت تُسبّب لجسدينا إرهاقًا وهياجًا بالغين، ما كانت حتّى كلّ مياه البحر الزّرقاء لتستطيع تفريج كربتنا وإطفاء اللّظى الّذي يستعر في جسدينا».
في السّنة نفسها، ماتت (آنابيل) بالتيفوئيد. مثّل موتها صدمةً كبيرةً لـ (همبرت)، وعُقدةً نفسيّةً ظهرت آثارها بعد سنواتٍ طويلةٍ حين اكتشفَ ميلهُ الجنسيّ، وشذوذه وهوسه بالفتياتِ الصّغيراتِ اللّواتي يُماثلنَ (آنابيل) عُمرًا. كان يستغلّ زيارة الحدائق في التّحديق إلى الفتياتِ الصّغيراتِ وهنّ يلعبنَ، علّهُ يرى كتفًا عارية، أو رُكبةً ملساء، أو فخذًا بض؛ ولكن ليس أيّ فتاةٍ في هذه السّن يُمكن أن يُجنّ بها (همبرت) إنّما الفتيات من النّوع الّذي أسماهنّ «الحوريات المسعورات بالشّبق».
«هناك فتيات بين سنّ التّاسعة والرّابعة عشرة يظهرن لعين بعض الرّجال المسعورين أكبر ممّا هنّ بضعفين، فيتكشفن لهذا النّوع من الرّجال عن طبيعتهنّ الحقيقيّة الّتي ليست بالطّبيعة الإنسانيّة إنّما هي طبيعة شهوانية مسعورة، طبيعة جهنّمية إبليسيّة، ولهذا فقد أطلقتُ على هذا النّوع من الصّغيراتِ اسم: الحوريّات المسعورات بالشّبق».
هكذا جرت حياته حتّى التقى (لوليتا)، الحوريّة المسعورة «شيطان في ثياب طفل ملاك».
بعد تسعةٍ وعشرين عامًا من حادثة (آنابيل)، خضَع (همبرت) إلى العلاج النّفسي بسبب تعلّقه بالفتيات الصّغيراتِ، وبعد تدريسه في جامعاتِ فرنسا، وزواجه من امرأةٍ فرنسيّة كانت خيانتها لهُ فرصتهُ للهربِ من إخفاق زواجهما، توجّه إلى الولايات المُتحدة، تحديدًا في منطقة (رامزدايل)، وهي منطقة نائية. في هذه المنطقة استأجرَ غرفةً لدى احدى ربّات البيوت الأرملة (شارلوت هايز)، وبعد رفضه الغرفة لرداءتها، غيّر رأيه بعد أن رأى ابنتها (دولوريس) في أثناء خروجهِ من المنزل. في هذا الوقت، بدأ هوسه بها، فقرّر الزّواج بأمّها ليكون على مقربةٍ منها، وفي اليوم الّذي تكشف الأم نواياه السّيئة تجاه ابنتها، بفضل مذكّراتهِ الّتي قرأتها، تموتُ في اليوم نفسه إثر حادث سيّارة، وبذلك يُصبحُ (همبرت) الوصيّ على ابنتها.
يبدأ (همبرت) مُستصحبًا (لوليتا) بالتّنقّل في الولايات المُختلفة؛ ليُمكنه الانفراد بها ومن ثمّ غوايتها. لا تُمانع (لوليتا) أن تكون عشيقة (همبرت) الصّغيرة ما دام يُلبّي طلباتها من هدايا، ومال وغيره، إضافةً إلى تهديده المُستمرّ لها بالتّخلّي عنها ووضعها في دار رعاية.
تستمرُّ علاقتهما لمدّة عامين، بعد ذلك تهربُ مع أحد الرّواة المسرحيّين، ثمّ نعلم بعد ذلك أنّها تركت الرّوائي، وتزوّجت شابًا فقيرًا وهي الآن حامل. يُجَنُّ (همبرت) عندما يكتشف هروبها، ويظلّ هاجسه الوحيد هو الوصول إليها وإلى من هربت معه؛ ليقتله. بسبب حملها وفقرهما، تُرسلُ برسالةٍ إلى (همبرت) تطلبُ فيها مُساعدته الماليّة، وعندما يلتقيها يُلحُّ إلحاحًا شديدًا في استجداء عودتها له؛ إلّا أنّها ترفضُ رفضًا تامًا أن تعودَ إليه. يُعطيها المال شريطة أن تُخبره عن الّذي هربت معه، يُودّعها والحزنُ يأكلُ قلبهُ، ويتوجّه إلى الرّوائي المسرحي وينجحُ في قتله؛ فيُسجن، وتموت (لوليتا) في أثناء ولادتها.
الدّموع والورود
تكشفُ هذه الرّواية (لوليتا) عن الكبت والحرمان الجنسي الّذي يحتلّ حياة المُراهق، ومدى تأثيره في حياته في المُستقبل، لتكون بمنزلةِ عُقدةٍ نفسيّةٍ تُحوّله من إنسانٍ سويٍّ إلى إنسانٍ عديم الأخلاق، تُسيّرهُ غريزته الجنسيّة وتحكمه شهوته، فيصير سلوك الفرد سلوكًا حيوانيًّا مُشينًا، وهوسًا جنونيًّا، يُؤدّي إلى انحسار الحبّ وقتل العاطفة البريئة الخالية من أيّ أغراضٍ دنيويّةٍ دنيئة؛ فيفقد الزّواج معناه، والأبوّة أهميّتها؛ لتُصبح هذه الحالة فرديّة وانعزاليّة، وإشارة إلى طفولةٍ غامضةٍ لا ذاكرة فيها ولا ذِكرى، كما يقول (همبرت) نفسه:
«إنّني أقلّبُ ذكرياتي متسائلًا طيلة الوقت عّما إذا كان التصدّع في حياتي قد بدأ في ذلك الصّيف السّحيق أم أنّ شبقي الشّديد إلى تلك الطّفلة كان أوّل قرينةٍ على فرديتي الانعزاليّة الوراثيّة؟ وأنني إذ أحاول أن أحلّل نوازع شهواتي ودوافعي وأعمالي؛ فإنّني أستسلمُ إلى نوعٍ من الخيال المتداعي نحو الماضي، وهو خيال يغذي ملكة المناقشة بما لا يحصى من الأسباب والاحتمالات ليجعل من ذلك الماضي شيئًا معقّدًا يثير هوسي؛ ولكنّه يُقنعني في النّهاية بأنّ قضيّتي مع لوليتا قد بدأت بآنابيل بطريقةٍ سحريّةٍ مشؤومة».
لا يُمكن تصنيف الرّواية على أنّها رواية إروتيكيّة، فهي تُناقشُ فكرة من الأفكار الّتي يعدّها المُجتمع فِكَرًا إباحيّة لا يصحّ الحديث عنها أو التّرويج لها، وكأنّ هذه الأعراض النّفسيّة الشّاذّة غير موجودةٍ بالمرّة، وأنّ هذا الفحش الأخلاقي لا يتناسب مع قيم المُجتمع الفاضل!
تعلّق الرّجال كبار السّنّ بالفتياتِ الصّغيرات اللّواتي لم يصلن إلى مرحلة المُراهقة بعد، أي: اللّواتي بين سنّ التّاسعة والرّابعة عشرة، هي –بالتأكيد- حالة من حالات (الهوس) المُخالف لغريزة الإنسان السّويّ وطبيعته، والرّواية لا تسرد هذا النّمط المُشين من السّلوك سردًا وصفيًّا فحسْب، إنّما تتوغّل عميقًا في النّفس البشريّة لتدرس هذه الحالة دراسةً مُستفيضةً مُؤطّرة بأسسٍ تحليليّة نقرأها على لسان الرّاوي ليُقرّ بنفسه:
«إنّني أعرف كذلك بأنّ الصّدمة الّتي سبّبتها لي وفاة آنابيل قد عزّزت التّشتت النّفسي الّذي أصابني ذلك الصّيف المشؤوم المُفعم بالكبت، وجعل من ذلك التّشتّت عقبة دائمة في طريق أي غرام صادفتهُ في سنوات شبابي الباردة».
فنراه يعترف بأنّه رجلٌ دنيءٌ شوّههُ هذا المرض النّفسي ودنّس قيَمه، وحوّلهُ إلى شيطانٍ رجيمٍ لا همّ لهُ سوى إرضاء رغباته الجنسيّة المكبوتةِ للاستمتاع بالطّفلةِ الّتي ضلّلها بحبّهِ المَريض.
«إنّ هذا الشّعور حطّمني أكثر ممّا أنعشني، وفكرة الإحساس بالدّنس رافقتني أينما ارتحلت وحيثما حللت».
يعترفُ (همبرت) بذنبه، ويعي حجم جريمته تمامًا، ويعلمُ أنّ نهايتهُ ستكون سيّئة، وسنلمسُ ذلك في كلامهِ على طول الرّواية، فهو يعلم أنّ ما يفعلهُ ليس إنسانيًّا، قوامهُ استغلال طفلةٍ في الثّانية عشرة من عمرها للاستمتاعِ بمفاتنها الّتي لم تتكوّر بعد، ومع أنّهُ يُحاول أن يلتمسَ العذرَ لنفسهِ ببعضِ العباراتِ؛ إلّا أنّ عباراتهُ تلك، تُعبّرُ في ثناياها عن عُقدةٍ بالذّنبِ وشعورٍ دائمٍ بالخطأ نتجَ بفضلِ إغوائهِ المُستمرّ لفتياتٍ صغارٍ لم تكن (لوليتا) أوّلهنّ إنّما آخرهنّ.
لوليتا
عندما تحدّث عن الفتيات المسعورات بالشّبق، وأنّهن لعوبات وشهوانيَّات ومن السّهلِ غوايتهنّ، لم تكن (لوليتا) استثناءً، فهي تظهر بمظهرٍ خالٍ من البراءةِ الطّفوليّةِ الّتي لا تتوافق مع سنّها، فتمنحُ جسدها الصّغير إلى (همبرت) متى أرادت، وتمنعهُ منها متى شاءت، وتُراوغهُ بحرفيَّةٍ وخُبثٍ، تُثيرهُ تارةً وتارةً تهربُ منهُ، وكلّما زادت (لوليتا) في صدودها، زاد (همبرت) في اقترابه وتعلّقه بها؛ ما يجعل القارئ في حيرةٍ، هل تُريده الطّفلة أم تخافه؟ هل استجابتها لإغوائهِ حقيقيّة أم أنّها تتصنّع مُوافقتها؟ فهي تُفرط في دلالها، وفي الوقتِ نفسه تمكرُ به؛ لإدراكها رغبته الحقيقيّة، وهدفهُ المُنحرف الفاسق الّذي يسعى إليه بقربهِ منها.
كانت وسيلتهُ للتّأثير فيها هو الإسراف بالمال والسّفر معها للانفراد بها بعيدًا عن أعين العالم، إلّا أنّ كلّ هذا القرب، والصّدود، والتّصنّع، صنعَ من (همبرت) رجلًا مذلولًا مُحبطًا ومُهانًا، لا همّ لهُ سوى امتلاك هذا الجسد، فزادت أمراضهُ النّفسيّة، وطَفت على السّطح صفاتٌ أكثر سوءًا استطاعت في نهاية الرّواية تدمير حياته.
(لوليتا) ليست بريئة، هي اللّاعبة الأساسيّة في هذا السّيرك الاستعراضي النّفسي المُنحرف، ولولا تجاوبها مع الرّجل وتلاعبها به كما تتلاعب المُحترفة بزبونها؛ لما وصلَ إلى هذه الحالةِ من الضّعف الّذي حوّلهُ إلى عبدٍ.
(لوليتا) هي مزيج من الطّفلة والمُراهقة والمرأة النّاضجة، شخصيّة مُركّبة لا تحكمها القواعد الإنسانيّة السّويّة، ولا يُمكن توقّع تصرّفاتها. مشاعرها مُتناقضة، فهي الطّفلة الّتي تُحبّ (همبرت) كأبيها، وتكرههُ لأنّه شوّه طفولتها، وفي الوقتِ نفسه تُشاركه الفِراش في إشارةٍ إلى فضولها الجنسي ورغبتها المُستعرة. هي ذكيّة بلا شك، أدركت ضعف (همبرت) تجاهها؛ فتلاعبت به ووجّهت انفعالاته لتلبية رغباتها.
عفّة المُجتمع الزّائفة!
في سنة 1955م، رفضَ المُجتمع الأمريكي نشر رواية (لوليتا)، فنُشرت في فرنسا، وحقّقت شُهرةً واسعة وانتشارًا كبيرًا، ليسمح المُجتمع الأمريكي بعدئذٍ في سنة 1958م بطباعة الرّواية.
جميع المُجتمعات تؤكّد حقيقةً واحدة، وهي: أنّ شرفَ المُجتمع كذبةٌ كبيرةٌ، كذبناها، وافترضنا صحّتها؛ فصدّقناها. هذه العفّة المُزيّفة هي الّتي جعلت من هذه الرّواية ذات الموضوع الشّاذ، والعلاقة المُنحرفة روايةً مُفضّلة لدى شريحةٍ واسعةٍ من النّاس. هذا الإقبال الشّديد على هذه الرّواية -الّتي تعدُّ من أعظم أعمال (فلاديمير نابكوف)، ومن أفضل مئة رواية في القرن العشرين، تُشيرُ إلى حالةِ انفصامٍ في النّفس البشريّة-، وأنّها ليست بريئة، ولا نقيّة، وتحوي خللًا ورغباتٍ مكبوتةٍ مُنحرفةٍ وشاذّة، وإن كان المُجتمع عاجزًا عن التّعبير عن هذا الانفصام الأخلاقي في سلوكهِ؛ إلّا أنّهُ يُفرّغُ شحناته السّالبة بالرّجوعِ إلى هذا النّوع من الفنّ الرّوائي الّذي يلمسُ مشاعرهُ، ويحكّها حكًّا لتُخرج المارد الجنسي الّذي يُحاول أن يحفظهُ في قنينة الجسدِ بعيدًا عن أعينِ المُجتمعِ المُتربّصة بأيّ سلوكٍ يُخالف الأعراف والدّين والقانون؛ ما يدلّ على أنّ الإنسان في طبيعتهِ يشتاقُ إلى ما يُظهر نصفه المشوّه، حتّى وإن كان بينه وبينَ نفسه.
كلُّ شيءٍ يتغيّر، القيَم، والأخلاق، والمبادئ، والأعراف، بل إنّ تغيّرهُ أسرع ممّا نتصوّر!
لوليتا والسّينما
لأنّ فنّ الرّواية أحد الأجناس الأدبيّة المُتطوّرة، كان لهُ هذا الانتشار الواسع؛ نظرًا لما تحمله الرّواية من رؤية واقعيّة ترتبط بالحاضر وتُشبهه وتُنشئ علاقة مع القارئ؛ عُدَّت الرّواية رافدًا مُهمًّا للإنتاج السّينمائي الّذي يُحوّل الكلام المكتوب إلى صورة مُشاهدة ومسموعة أكثر إقناعًا وأكثر إمتاعًا للمُتلقّي.
لأنّ رواية (لوليتا) إحدى الرّوايات الغنيّة والمُعقّدة ذات الفكرة الإباحيّة، والمليئة بالحبّ والجنس والسّخريّة والدّراما والتّراجيديا والسّيكلوجيا، تنبضُ شخصيّاتها بالحياة وتُقاربُ الواقع، تحوّلت الرّواية إلى عملين سينمائيَّين، أحدهما من إخراج المُبدع (ستانلي كوبريك) سنة 1962، والآخر من إخراج (أدريان لين) سنة 1997. بالتّأكيد نسخة كوبريك بالأبيض والأسود. يُمكن القول إنّ نسخة (لين) أفضل؛ نتيجة الإبحار العميق في نفسيّة الشّخصيّات والفهم الدّقيق للرّواية والتّعبير عنها بواقعيّة مُقنعة، بعكس نسخة (كوبريك) الّتي لم تنقلْ لنا مشاعر الشّخصيّات وتركيبتهم النّفسيّة نقلًا كاملًا، واكتفت بنقل الفكرة العامّة دون مُحاولة الاجتهاد في نقل أحاسيس الشّخصيّات، فكانت باهتة.
الواقعُ في الأمر أنّنا نصلُ إلى نتيجةٍ بديهيّة: أنّ الجنسَ إذا وُجِدَ في عملٍ ما، سواء أروايةً كانت أم فيلمًا سينيمائيًّا؛ فإنّهُ يضمنُ الشّهرة للكاتب وللعمل الرّوائي والسّينمائي؛ وذلك بسبب ما تُمثّلهُ غريزة الجنس من قيمةٍ روحيّةٍ وإنسانيّةٍ جبّارة، يصغرُ أمامها أعتى الأخلاقيّين.
في النّهايةِ أقتبسُ مقولة المخرج (أدريان لين) حين قال عن لوليتا: «إنّها عملٌ كبيرٌ يدورُ حول قصّة حبٍّ رائع، (هامبرت) يستحقُّ الاحتقار فعلًا؛ ولكنّه يدعو إلى العطفِ، ومأساته: أنّ (لوليتا) لا تُحبّه».
أترككم مع قصيدة لوليتا لنزار قبّاني وهي مُستوحاة من الرّواية.
https://www.youtube.com/watch?v=K1D4mQlNjuU
# لوليتا: الشعر، الفكاهة، الحب والمأساة By محمود قحطان،
اقرأها وشاهد الفيلمين، ستجدهما في اليوتيوب.
قراءة رائعة وخلاصة مستفيضة للرواية، كنت قد بدأت قرائتها قبل أسبوع ولكني ركنتها! يبدو بأني سأكمل ما بدأته وأقرأه بعين أخرى.
شكراً لك.
عودي لها فهي تستحقّ، ويُمكنكِ مُشاهدة الفيلمين. كلاهما جيّد.